الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦١
اختصت مع أنها تقديم فيها بحال المرض، فإن دلت من الوجه الأول وجب أن يكون جميع من قدمه الرسول صلى الله عليه وآله في طول حياته للصلاة إماما للمسلمين، وقد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وآله قد ولى الصلاة جماعة لا يجب شئ من هذا فيهم، وإن دلت من الوجه الثاني فالمرض لا تأثير له في إيجاب الإمامة ولو دل تقديمه في الصلاة في حال المرض على الإمامة لدل على مثله التقديم في حال الصحة، ولو كان للمرض تأثير لوجب أن يكون تأميره أسامة بن زيد وتأكيده أمره في حال المرض مع أن ولايته تشتمل على الصلاة وغير الصلاة موجبا له الإمامة لأنه لا خلاف في أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول إلى أن فاضت (1) نفسه الكريمة صلى الله عليه وآله: (نفذوا جيش أسامة) ويكرر ذلك ويردده.
فإن قيل: لم تدل الصلاة على الإمامة من الوجهين اللذين أفسدتموها لكن من حيث كان النبي صلى الله عليه وآله مؤتما بأبي بكر في الصلاة ومصليا خلفه.
قلنا: قد مضي ما يبطل هذا الظن فكيف يجعل ما هو مستحيل في نفسه حجة؟ على أن النبي صلى الله عليه وآله عند مخالفينا قد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف، ولم يكن ذلك موجبا له الإمامة، وخبر صلاة عبد الرحمن بن عوف أثبت عندهم وأظهر فيهم من خبر صلاته خلف أبي بكر، لأن الأكثر منهم يعترف بعزله عن الصلاة عند خروجه عليه السلام وقد بينا أن المرض لا تأثير له فليس لهم أن يفرقوا بين صلاته خلف عبد الرحمن وبينها خلف أبي بكر بذكر المرض.
قال صاحب الكتاب في الحكاية عن أبي هاشم: (ومما يبين بطلان

(1) تكتب فاضت نفسه بالضاد، وفاظ بالظاء.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»