الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٥٤
الإنكار، فالكلام عليه ما تقدم وما سيجئ في مواضعه.
فأما ما جرى عليه في بيعة أبي بكر فليس فيه ما يقتضي بطلان النص، ولا يدفع صحته، لأنا قد بينا باقتصاص الحال وتصويرها، وما جرى فيها من المبادرة وترك المشاورة لبني هاشم ومن كان في جملتهم، ما هو بأن يدل على ثبوت النص أولى وأحرى، وليس يجري بيان أمير المؤمنين عليه السلام أمر نفسه وتصريحه بأنه الإمام المنصوص عليه مجرى قول طلحة لأبي بكر: " ما تقول لربك إذا وليت علينا فظا غليظا " لأن طلحة بالقول المروي عنه ليس بقادح في إمامة أبي بكر ولا في دينه ولا في شئ من أحواله، وإنما أخرج قوله مخرج الاسترادة والشكوى، وشتان بين هذا القول وبين موافقته على تعديه في الإمامة عهد الرسول صلى الله عليه وآله وانتصابه المنصب الذي غيره أحق به، فكيف يجعل ما جرى من طلحة مع كونه بالصفة التي ذكرناها مسوغا للموافقة على النص وفي الموافقة عليه ما هو معلوم، على أن أبا بكر لم يرض من طلحة بقوله، مع أنه لا مطعن عليه في نفسه به، ولما سمع قوله قال: " أجلسوني أجلسوني " لأنه كان مستلقيا ثم قال: " بالله تخوفونني؟ أقول يا رب وليت عليهم خير أهلك " (1) فمن أزعجه قول طلحة وحركه حتى أظهر الغضب منه والامتعاض، وهو قول قد جرت عادة الرعية بأن يستعملوه مع رؤسائهم وأمرائهم كيف يكون حاله لو قيل له: لست بإمام والإمام غيرك، وأنت مخالف للرسول فيما صنعته وتوليته.
فأما دخول أمير المؤمنين عليه السلام في الشورى فقد ذكر أصحابنا رحمهم الله فيه وجوها:

(1) كلام طلحة هذا وجوابه رواه الطبري في التاريخ 3 / 433 حوادث سنة 13
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»