الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦٣
دواع إلى الكتمان، وصوارف عن الإظهار فلا يجب القطع، بل لا يمتنع أن يخبروا بالأسعار وبما هو أدون حالا من الأسعار ولا يخبروا بشأن القرامطة، وكذلك القول في الواردين علينا من الجامع (1) ألا ترى أنه لا يمتنع أن تعتقد هذه الجماعة الواردة من البصرة لأمور ظهرت من سلطان بغداد أنه متى عثر على مخبر عن دخول القرامطة البصرة ضرب عنقه، ونكل به، أو يكون بين هذه الجماعة وبين جماعة من تجار بغداد معاملات ومضاربات فيعتقدوا أنهم متى أنذروهم (2) بدخول القرامطة البصرة كان ذلك سببا داعيا لهم إلى الامتناع من دفع تجاراتهم إليهم، وحملها في صحبتهم إشفاقا عليها، وخوفا من امتداد الأيدي إليها ونحن نعلم أنهم متى اعتقدوا أحد ما ذكرناه وتقرر في نفوسهم لم يجز أن يخبروا بدخول القرامطة البصرة مع إخبارهم بصغير الحوادث وليس لهم أن يقولوا: إن هذه الجماعة التي ذكرنا حالها إذا خافت من أن تخبر بدخول القرامطة من السلطان فإنه لا بد أن يخاف منها قوم فيمسكوا، ويغلب آخرون السلامة فيخبروا، ثم لا يلبث أمرهم أن يظهروا حال القرامطة في دخولهم البصرة أن يعلم لأن ذلك إذا صح لم يكن قادحا في قولنا ولا معترضا على طريقتنا، لأن الخوف أولا ربما انكتم معه الخبر ما دام الخوف قائما، لا سيما إذا لم يحمل المخبرين على الخبر داع من دواعي الدين، أو داع يرجع إلى الدنيا، يجري في القوة مجرى داعي الدين، وإذا أخبر منهم مخبر لقوة الدواعي فلا يكون إخباره إلا على أخفى ما يكون من الوجوه واسترها، هذا إذا حمل نفسه على الخطر وركوب الغرر (3) ومثل هذا نعنيه في النص

(1) أي بحسب المثال الذي تقدم.
(2) أخبروهم، خ ل.
(3) الغرر - بفتحتين -: الخطر.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»