الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
فأما ظهور ما تكتمه الجماعة على وجه من الوجوه إذا كان مما تمس الحاجة إليه وتدعو الدواعي إلى نقله، ووقع في الأصل ظاهرا، فقد بينا أنه مما لا بد منه في العادة، غير أن ذلك غير موجب لظهور أسباب الكتمان، والوقوف عليها بعينها في كل حال، لأن الأسباب الداعية إلى الكتمان على ضربين.
أحدهما: يجب ظهوره بالعادة والوقوف عليه بعينه، كما يجب ظهور نفس الشئ المكتوم إذا كان بالصفة التي تقدمت.
والضرب الآخر، لا يجب هذا فيه.
فأما الأول فهو أن يكون الكتمان وقع من الجماعة الكثيرة لتواطؤ عليه أو لإكراه من سلطان قاهر، لأن العادة تقتضي ظهور ما ذكرناه، والوقوف عليه بعينه، وأنه مما لا يكاد يخفى ويلتبس.
والثاني - أن تكون أسباب الكتمان أمورا تخص الجماعات، وترجع إلى اعتقاداتها كالعداوة والحسد والشبه واعتقاد الضرر في الدين أو الدنيا، فهذه الأسباب متى اقتضت الكتمان لم يجب ظهورها كوجوب ظهور ما تقدم لا سيما إذا وقع الكتمان لأمور منها مختلفة، ولم يكن الداعي إليه واحدا بعينه، فإن الدواعي إلى الكتمان ربما اختلفت في جنسها وإن كانت متفقة في اقتضائها للكتمان فهي إذا كانت بهذه الصفة أبعد من الظهور، وأقرب إلى الخفاء، والذي يكشف عن صحة ما ذكرناه أنه لو جمع بعض السلاطين أهل بلد عظيم كثير الأهل أو جماعة منهم كثيرة لا يجوز عليها التواطؤ فذكر بحضرتهم رجلا من بلدهم بذكر جميل، وقال فيه أقوالا تقتضي تفضيله وتعظيمه، والرفع منه لجاز من القوم أن ينصرفوا فيمسك
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»