الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
فأما إقامة الحدود، فلم يقم عليه السلام حدا على أحد بإذنهم ومن قبلهم، وإنما أقام الحد على الوليد بن عقبة عند امتناع عثمان من إقامته عليه، وقال عليه السلام لا يضيع لله حد وأنا حاصر فكيف يجعل إقامته للحد دليلا على المساعدة والموازرة.
فأما ما دل على نفي النص فليس هو ما ظنه من اعتبار أحوال الصحابة وأفعالها لكنه ما قدمناه وشرحناه، وقد بينا أن جميع ما توهم أن في ثبوته أو انتفائه انتفاء النص باطل وأن جميع ما اعتقد منافاته للنص من الأفعال والأقوال غير مناف له وقوله: " إنه لا يجوز أن ينص بالإمامة على رجل معين على رؤوس الإشهاد فلا يدعي له ذلك مدع، ولا يدعيه هو لنفسه ولا يشبهه حال النص " لأن النص على أمير المؤمنين عليه السلام قد ادعته له جماعة كثيرة وادعى هو عليه السلام لنفسه ولو لم يدع ذلك على وجه لما علمناه، ولا كان لنا سبيل إلى معرفته، اللهم إلا أن يريد نفي الادعاء على سبيل الإظهار والاعلان، وإذا أراد ذلك فقد بينا من الأسباب المانعة منه ما فيه كفاية فأما ما استقواه من شبهة البكرية في استخراجهم من تقديم أبي بكر للصلاة النص عليه فمعلوم وجهه والباعث على ادعائه، وبإزاء ذلك أن ما تدعيه البكرية من النص بخبر الصلاة عندنا من أضعف الشبه وأركها، حتى أنه ليغلب على ظن أكثرها استحالة اعتقاد النص بهذه الطريقة على أحد من المحصلين، وينسب إظهارها ممن تعلق بها إلى الغفلة وقلة التحصيل، أو اعتماد المدافعة والمقابلة من غير أن يكون الاعتقاد مطابقا للقول.
وقد بين أصحابنا رحمهم الله في غير موضع الكلام على خبر الصلاة المنسوبة إلى أبي بكر ودلوا على أنه لا نسبة بين الصلاة والإمامة، وجملة ما أوردوه أن خبر الصلاة أولا خبر واحد، ثم إن الأمر بها والإذن فيها وارد
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»