الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
والعاقدين حقا لما جرى من الأنصار ما جرى من المنازعة.
فأما قوله: " وهذا في أنا نعلم بطلانه باضطرار بمنزلة ما نعلمه من أنفسنا لأنا كما نعلم أنا لا نعلم في الإمامة ما ادعوه باضطرار، ونعتقد خلافه نعلم ذلك من حال الصحابة " فطريف لأنه لا سبيل إلى العلم بما كان يعتقده القوم باطنا في النص، وأكثر ما يدل عليه حالهم كونهم مظهرين لاعتقاد خلافه وما سوى ذلك غير معلوم، ولو كان ما ذكره معلوما باضطرار له ولأصحابه لوجب أن تعلمه الشيعة كعلمهم بأنه ليس يمكن أن يدعى فيه طريق يختص، ولا فصل بين من ادعى ذلك من المخالفين وبين من ادعى من الشيعة أنه يعلم ضرورة أن القوم كانوا يعتقدون النص ويعلمونه، وإن كانوا عاملين في الظاهر بخلافه، وليس يشبه ما يعلمه الانسان من نفسه ما يعلمه من غيره لأنه يجد نفسه معتقدا للشئ ضرورة ثم يفصل بين أن يكون معتقدا لبعض المذاهب وبين أن لا يكون كذلك، ولا سبيل له إلى أن يعلم أن غيره معتقد لبعض المذاهب إلا على شروط، وبأن يظهر القول بالمذهب منه في أحوال قد علم أنه لا داعي يدعو إلى إظهاره إلا الاعتقاد والتدين ويقطع على انتفاء كل أمر يمكن صرف الإظهار إليه وهذا مما له خصائص وشرائط تدل عليها الأحوال ومشاهدتها، فكيف يمكن أن يدعي العلم باعتقاد غائب لا سبيل فيه إلى هذه الطريقة، ويجوز أن يكون ما أظهره من الاعتقاد لأسباب وأغراض كثيرة ليست للتدين، على أن المعلوم من مذهب مخالفينا أنهم لا يقطعون على بواطن الصحابة إلا فيمن علموا بالدليل موافقة باطنه لظاهره، وأنهم يجوزون أن يكونوا مبطنين لخلاف ما هم له مظهرون، فكيف يدعي العلم باعتقادهم في النص والقطع على باطنهم فيه دون غيره، وأحوالهم في الكل متساوية، ونحن نعلم أن إظهارهم لاعتقاد خلاف النص كإظهارهم جميع
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»