الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٤٩
تصريح من أمير المؤمنين عليه السلام بالنص، وقد يمكن أن يكون تظلمه مصروفا إلى ما كان يعتقده عليه السلام من أنه أحق بالأمر وأولى بالتقدم فيه، وقد كان يعتقد أيضا فيه ذلك جماعة، لأن ظاهر الأقوال المروية يقتضي خلاف هذا التأويل الفاسد لأن الظلم لا يطلقه أحد من أهل اللغة لا سيما مثل أمير المؤمنين عليه السلام إلا في غصب الحقوق الواجبة فإذا انضاف إلى ذلك التصريح بذكر منع الإرث والحق على جهة الاستعداء لم يبق شبهة في فساد تأويل المخالف،.
فإن قيل: فما الوجه في قول العباس رحمه الله لأمير المؤمنين عليه السلام: " أمدد يدك أبايعك " أوليس ظاهر القول يقتضي بطلان النص لأن المنصوص عليه لا يحتاج إلى البيعة.
قيل عن هذا جوابان:
أحدهما - إن العباس رحمه الله لما بلغه فعل أهل السقيفة وقصدهم الأمر من جهة الاختيار أراد أن يحتج عليهم بمثل حجتهم فسأل أمير المؤمنين عليه السلام بسط يده للبيعة ليبايعه فيكون آخذا للحجة من جميع جهاتها، ومضيعا لعذرهم فيما صنعوه من حيث كانت حالهم لا تعدو أمرين إما أن يرجعوا إلى الحق ويسلموا الأمر إلى من عقده له الرسول صلى الله عليه وآله فيكون الأولى والأوجب أو يتمسكوا بالاختيار ويحتجوا به فيكون ما فعله العباس رضي الله عنه من البيعة في مقابلته.
والجواب الآخر، إن البيعة لا تنافي النص ولا تدل على بطلانه، لأنه غير ممتنع أن تقع البيعة مع تقدم النص ويكون الغرض في إيقاعها القيام بالنصرة والذب عن الأمر، ودفع من نازع فيه، ولو كان الأمر على ما ظنوه من دلالة البيعة على صحة الاختيار لوجب أن يكون مبايعة النبي
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»