الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
قيل له: ليس يجب بما وقع منهم من دفع النص أن يكونوا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله على نفاق، لأن فيمن يقطع على أن دفع النص كفر من فاعله من لا يمنع من وقوعه بعد الإيمان الواقع على جهة الاخلاص، فأما من ذهب إلى الموافاة فإنه يحتاج في منع وقوع الإيمان متقدما إلى أن يثبت له كون دفع النص كفرا، وأنه يخرج عن منزلة الفسق ويلحق بمنزلة الكفر ثم يثبت أن فاعله فارق الدنيا عليه لأنه إن لم يثبت له ذلك لم يمتنع على مذهبه تقدم الإيمان على أنه غير ممتنع عقلا أن يكون الرسول غير عالم ببواطن أصحابه وسرائرهم من خير وشر فيكون مدحه لهم على الظاهر، وإذا انقطع العذر بالسمع الوارد بأنه صلى الله عليه وآله كان يعرف بواطن بعضهم أمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وآله علم بذلك في حال لم يكن منه بعدها مدح ولا تعظيم لمن علم سوء باطنه، فإن الحال بعينها غير مقطوع عليها ويمكن أن يقال: إن ذلك قبل وفاته عليه السلام بزمان يسير.
وقد قيل: إنه غير ممتنع أن يمدح النبي صلى الله عليه وآله من علم خبث باطنه إذا كان مظهرا للحق والدين، كما أنه صلى الله عليه وآله مع علمه بالمنافقين وتمييزه لهم من جملة أصحابه قد كان يجري عليهم أحكام المؤمنين، ولا يخالف بينهم في شئ منها إلا فيما نطق به الكتاب من ترك الصلاة على أحدهم عند موته والقيام على قبره وإجراء أحكام المؤمنين عليهم، ودعاؤهم في جملتهم ضرب من المدح والتعظيم فلئن جاز هذا جاز الأول.
وليس يمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يعرف المنافقين بأعيانهم لأن القرآن يشهد بأنه صلى الله عليه وآله قد كان يعرفهم
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»