الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
الجماعة القليلة وإن منعوه في الجماعات الكثيرة التي تبلغ إلى حد مخصوص وتختص بصفات معينة، فكل من لم يثبت عصمته، أو ما يجري مجرى عصمته من دلالة يؤمن من وقوع مثل ما ذكرناه منه فهو جائز عليه، ولا مانع يقتضي امتناعه منه، وقد جرت العادات التي لا يتمكن أحد من دفعها بعمل الجماعات بخلاف ما نعلمه لبعض الأغراض وكتمان ما نعرفه لمثل ذلك، وقد نطق الكتاب بمثله قال الله تعالى مخبرا عن أهل الكتاب:
﴿يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون﴾ (١) وقال جل ذكره: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا﴾ (2). وقد علمنا من جهة القرآن أيضا والأخبار ما وقع من ضلال قوم موسى عند دعاء السامري لهم إلى عبادة العجل، وكثرة من اغتر به ومال إلى قوله مع قرب عهدهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم وكثرة ما تكرر على أسماعهم من بيانه وحججه التي يقتضي جميعها توقي الشبهة بنفي التشبيه عن ربه تعالى، ولعل من ضل بعبادة العجل من قوم موسى عليه السلام كانوا أكثر من جميع المسلمين الذين كانوا في المدينة لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وإذا جاز الضلال والعدول عن المعلوم على أنه من الأمم فهو على جماعة من جملة أمة أجوز، والذي يقوله المخالفون عند احتجاجنا بقصة السامري من أن ضلال قوم موسى لعبادة العجل إنما كان للشبهة لا على طريق التعمد والعناد، وقولكم في النص يخالف هذا لأنه كان معلوما لهم عندكم فعدلوا عنه وعملوا بخلافه غير صحيح، لأن القوم الذين ضلوا بالسامري قد كانوا من أمة موسى عليه السلام وممن سمع حججه وبيناته، وعرف شرعه ودينه، وما كان يدعو إليه ونحن نعلم

(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»