الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣١١
كل واحد من الأمرين منفصلا من الآخر، وغير منطو عليه، فأما إذا لم يكن هذه حاله لم يستقم ما ذكره، لأن من عمل بالشئ من أجل عمله به، وعرف صوابه بفعله له لا بد أن يكون إماما فيه، من حيث كان معنى الإمامة والأمر الذي من أجله كان الإمام إماما حاصلين فيه، لأن هذه الصفة - يعني كونه ممن يعمل بالشئ من أجل عمله به - تشتمل على الأولى، وتزيد عليها، فكيف يجوز مع اشتمالها على ما له كان الإمام إماما، وزيادتها عليه تحصل لمن ليس بإمام، ولا فرق بين ما ذكره ابن الراوندي وبين قول القائل: لو جاز أن يكون الإمام غير نبي لجاز أن يكون النبي غير إمام، ولو جاز أن يكون الأمير غير إمام لجاز أن يكون الإمام لا يتصرف فيما يليه الأمراء، ولا يشتمل ولايته على ما يتولاه الأمراء، وإذا كان كل هذا يفسد الوجه الذي ذكرناه لحق به في الفساد ما اعتبره ابن الراوندي.
فأما قوله: " إن الإمام يطاع فيما بين الشرع أنه يحسن " فساقط فيما بيناه في معنى الاقتداء بالإمام، وأنه لا بد من أن يكون مقتدى به من حيث قال وفعل، وفيما يكون قوله وفعله حجة فيه.
فأما قوله: " ولسنا نجعله إماما من حيث يتبع في كل شئ " فيفسد بأن الإمام لا بد أن يكون إماما في سائر الدين فما خرج من أن يكون متبعا فيه من الدين يخرج من أن يكون إماما فيه وهذه الجملة لا خلاف فيها، يعني أن الإمام إمام في جميع الدين، وإنما الخلاف في كيفية الائتمام به، والاتباع له في الدين، فليس لأحد أن ينازع فيها، لأن المنازعة في هذه الإطلاق خرق للاجماع، وإذا كنا قد بينا معنى الاقتداء به، ودللنا على أنه لا بد أن يكون على الوجه الذي قدرناه، ثبت أن الإمام لا بد أن يكون متبعا ومقتدى فيه في جميع الدين، على أنه لو نتخطى معه
(٣١١)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»