الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣١٤
يدعي كونه حسنا منهم أن تلزم طاعته والانقياد لأمره من حيث وجب الاقتداء به.
فأما العبد فلم يكلف طاعة مولاه إلا فيما لا يعلمه قبيحا مما تمكن من العلم بقبحه، وحكم ما يتمكن من العلم بقبحه حكم ما يعلمه قبيحا، فأما ما لا سبيل إلى العلم بحاله فيجوز أن لا يقبح منه وإن قبح من المولى، وليس هذه حال الإمام، لأن كلامنا على ما أمرنا باتباعه فيه مما نتمكن من العلم بحاله فلا بد أن يكون القبيح منه قبيحا منا.
قال صاحب الكتاب: " وقد ثبت أيضا أنه يلزم المأموم في الصلاة أن يتبع الإمام إذا لم يعلم صلاته فاسدة، ولا يخرج من أن يكون مطيعا وإن جوز في صلاة الإمام أن تكون قبيحة، لأنه إنما كلف أن يلزم اتباعه في أركان الصلاة، ولم يكلف أن يعلم باطن فعله فكذا القول في الإمام، وعلى هذه الطريقة يجري الكلام في الفتوى والأحكام وغيرها،... " (1).
يقال له: أما إمامة الصلاة فليست بإمامة حقيقية لأنه لم يثبت فيها معنى الاقتداء الحقيقي ولو تبرعنا بتسليم كونها إمامة على الحقيقة لم تخل المعارضة بها إما أن تكون من حيث جاز أن يكون القبيح من الإمام غير قبيح من المأموم، فهذا إنما جاز فيما لا يعلمه المأموم قبيحا ولا سبيل له إلى العلم به، كقصود إمام الصلاة وعزومه وما يجري مجراهما من باطن أمره، وكلامنا في الإمام على الاقتداء به فيما يمكن أن يعلم كونه حسنا أو قبيحا، أو أن تكون المعارضة من حيث اقتدينا بمن هو غير معصوم، فهذا الضرب من الاقتداء ليس هو الذي أحلنا أن يثبت إلا للمعصوم، والاقتداء بالإمام يخالف الاقتداء بإمام الصلاة، بل يخالف كل اقتداء بمن ليس بإمام

(1) المغني 20 ق 1 / 90.
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»