لأن القوم بنوا (1) كلامهم على أصولهم فلا يضرهم خلاف من خالفهم في أن الإمام يولى إذا رجعوا في إفساد ذلك إلى الدليل الواضح، ولهم على وجوب النص وإفساد الاختيار أدلة غير وجوب العصمة، وإن كان دليل العصمة أقواها " فليس يجب تعليق ما ظنه من كل واحد من الأمرين بالآخر.
فأما قوله: " أليس من ينص عليه يوليه؟ فلم قلتم: أنه لا يولى، وإنما يفارق حال الأمير بأنه يولى بعد الموت، والأمير يولي في حال الحياة؟
فإن قالوا: إذا نص عليه الرسول أو الإمام المتقدم فهو من قبل الله تعالى لا أنه يولى. قيل لهم: لا فرق بينكم وبين من قال في الأمير إذا ولاه الإمام أنه من قبل الله تعالى " فظاهر الفساد لأن مراد القوم بقولهم: إنه لا يولى معروف، وهو أن البشر لا يولونه، ولا يكون ولايته إلا من قبل الله تعالى، فيجب أن يكلموا على غرضهم، ويرجع إليهم في مرادهم بما أطلقوه من اللفظ والمعارضة بالأمير لا يلزم لأنهم يقولون: إن الدليل الدال على فساد اختيار الإمام، ووجوب نصبه من قبل (2) القديم تعالى ليس مثله في الأمير.
فأما قوله: " وبعد، فإنه إذا ثبت أنه لا يولى فمن أين ثبت أنه يجب أن يكون معصوما؟ وما تأثير هذه الصفة في العصمة حتى يجب لأجلها ثبوتها؟ وهلا جاز أن يكون ممن يولي ولا يولى ولا يكون معصوما؟
ولو أنه عليه السلام نص على الإمام ما كان يجب أن يكون معصوما عندنا، كما أنه عليه السلام يولي الأمراء وإن لم يكونوا معصومين... "