الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
الدين، ومن جوز ذلك فقد خرج عن طريقة (1) العادات،... " (2) فقد تقدم الكلام على معناه في الفصل الذي خرجنا عنه إلى حكاية كلامه هذا، وبينا أنه غير ممتنع أن تمسك الجماعة عن الإنكار على كاذب يعلم كذبه، وإن كان مدعيا عليها إذا حصل هناك غرض قوي، والقول في هذا المثال الذي صار إليه كالقول في المثال الأول الذي ضربه، لأنا نعلم أن أصحاب هذا العالم الذي وصف حاله، وشدة عنايتهم بحفظ مذاهبه، وضبطها، لو كان بحضرة سلطان قاهر ظالم، وكان له مذهب يخالف مذاهب العالم الذي يصحبونه يعادي فيه الخارج عنه، ولا يؤمن على من عرفه بمخالفته سطوته حتى يقوم قائم في المجلس الذي جمعهم، ويحكي عن ذلك العالم القول بالمذهب الذي يعتقده سلطانهم، وطمعوا في تمويه الحال عليه، وكون ما جرى سببا لكف شره عنه وعنهم لكانت الجماعة تمسك عن تكذيبه، وتظهر تصديقه، هذا إن لم يقسم على صدقه، وصحة خبره بأغلظ الإيمان.
وقد بينا أيضا أن ذلك لو لم يجز على هذا الوجه لجاز على طريق الشبهة، لكن ليس بأن يكون الحال على التقدير الذي قدره، لأنه أدخل في جملة كلامه " وذلك المذهب مما لو كان حقا لظهر ظهورا لا يختص به الواحد " (3) فكأنه فرض فيهم أن يكون كل ما لم يعرفه جماعتهم مذهبا للعالم باطلا، وليس هذا مثال مسألتنا، لأنا قد منعناه من مثل ذلك في الصحابة، وأعلمناه أن كثيرا من المنقول عن

(1) غ " طريق ".
(2) المغني 17 / 192.
(3) المغني 17 / 192.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»