الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٤٧
بالاجماع، والرجوع إليه، فقد بينا فساده، وأنه مقتصر فيه على دعوى، وذكرنا حال من يخالف في الاجماع ممن لا يعترف بصحة ما ذكره، ولا هو بصورة من يدفع الضرورات، وهؤلاء الذين أشرنا إليهم يقولون إن الاحتجاج بالاجماع مما ولد الفقهاء الاحتجاج به عن قرب (1)، وتبعهم عليه جماعة من المتكلمين، وأن الصحابة ومن كان في الصدر الأول لم يعرفوه لا سيما على هذا الوجه الذي يدعيه المخالفون، وإنما كانوا ينكرون على من خالف الحق، وخرج (2) عن المذهب الذي تعضده الدلائل سواء كان ذلك المذهب إجماعا أو خلافا، وقد أصاب صاحب الكتاب - وإن كان لم يقصد الإصابة - في قوله: " إن حال تمسكهم بالاجماع كحال رجوعهم إلى أخبار الآحاد " لأن الأمرين غير معلومين ولا ثابتين والمدعي لكن واحد منهما في بعده عن الحق كالمدعي للآخر.
فأما قوله في الاستدلال على أنهم تمسكوا بذلك لأجل الخبر: " إن شيخنا أبا هاشم عول في ذلك على أنه كما نقل عنهم التمسك بالاجماع، فقد نقل عنهم الاحتجاج بهذه الأخبار (3) " فقد بينا أنه لا نقل في الأول، ولا علم حاصلا على الوجه الذي ادعى، فإن كان أبو هاشم يدعي نقلا مخصوصا في احتجاج الصحابة بهذه الأخبار فيجب أن يشير لنا إليه (4)، فإنا ما نعرف خبرا عن أحد من الصحابة بأنه كان يحتج في الاجماع بهذه الأخبار المدعاة، بل قد ذكرنا أنه لم يثبت عنهم احتجاج بالاجماع على ما يذهب إليه الخصوم جملة، ومن رجع إلى نفسه، وراعى النقل علم فساد

(1) ولده: صنعه، وعن قرب: أي قريب.
(2) لأنه خروج، خ ل.
(3) المغني 17 / 188.
(4) أن يدلنا عليه، خ ل.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»