فأما اعتقادهم أن ذلك واجب في كل عصر وأوان فغير معلوم، وقد صار صاحب الكتاب على ما نراه يضيف ما يتحرز به من المطاعن في كلامه إلى الصحابة، ويجعله معلوما من جهتهم وقل ما ينفع ذلك.
فأما قوله: " وقد استدل الخلق على صحة الاجماع بقوله تعالى:
﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ (1) وهذا إن دل فإنما يدل على أن الكبائر لا تقع منه، لأن حال جميعهم (2) كحال الواحد إذا وصف بهذه الصفة، وقد علمنا أن ذلك لا يمنع من وقوع الصغير منهم، فكذلك حال جميعهم، وليس لأحد أن يقول وقوع الصغيرة منهم لا يمنع من كونهم حجة كما لا يمنع ذلك في الرسول عليه السلام، لأنا قد بينا أن الذي نجيزه في الرسول لا يمنع من تمييز أفعاله وأقواله التي هو حجة فيها من الصغائر التي نجيزها عليه (3)، ولا طريق في ذلك يتميز به الكبير من الصغير (4) فيما يضاف إلى الأمة " (5) فقد سلك في الطعن على الاستدلال بهذه الآية مسلكنا (6) في الطعن على استدلاله بقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (7) فصار ما أورده هاهنا من الطعن طعنا في كلامه المتقدم، واعتراضا عليه، لأنه إذا كان ما تقتضيه هذه الآية هو نفي الكبائر التي يخرجون بها من أن يكونوا مؤمنين، ولاحظ لها في نفي الصغائر، وكان حال جميعهم كحال واحدهم لو وصفت بهذه الصفة على ما قرره (8)، فهكذا القول في