الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
غيرها، وآحاد دون جماعة، ولم يكن جميع الأصحاب ملازمين للنبي صلى الله عليه وآله في كل أحواله، بل قد كان يشهد منهم بعض، ويغيب آخر، وليس يمتنع على هذا أن يخبرهم. هذا الخبر جماعة لا يكون مثلها قاطعا للعذر في الحقيقة إذا أنعم النظر (1) في أمرهم فيعتقدوا صحة قولهم بالشبهة الداخلة من بعض الوجوه التي قدمنا ذكرها، ولا يكون لهم رد خبرهم من حيث لم يشهده جميعهم لم ذكرناه آنفا من أن أكثر ما نقل من الاخبار قد كان يحضره بعضهم، ويغيب عنه سائرهم، ولا يكون لهم أيضا رده، من حيث كان متضمنا ما يعم فرضه، ولم يرد من جهة تقطع العذر، لأنهم قد اعتقدوا في الخبر - لقوة الشبهة - أنه قاطع للعذر وان لم يكن كذلك، فلم يبق إلا أن يقال: إن الغلط في الاستدلال لا يجوز عليهم.
وهذا إن قيل عقلا عرفت صورة قائله، وإن قيل سمعا فنحن في الكلام على السمع المدعى، وقبل تصحيحه لا يجب القطع على ذلك.
وقوله في كلامه: " ولم يخبر بذلك إلا واحد لا يعرفون صدقه (2) " مضى الكلام على مثله، لأنهم وإن لم يعرفوا صدقه معتقدون له.
وقوله: " لقد كان الواجب أن يردوه، ويقفوا عند قوله " صحيح، غير أن الواجب يجوز أن لا يفعله من يجب عليه وكلامنا فيما يجوز أن يفعلوه، أو يخلوا به لا فيما يجب عليهم، وليس يكون نتيجة تقديمه أن الواجب أن يردوه، ويقفوا عنده، أنهم إذا أذعنوا له ولم ينكروه، علم أنه صحيح، بل إنما تكون هذه النتيجة إذا تقدم مع أن الواجب أن يردوه

(1) أنعم النظر: زاد فيه تمعنا.
(2) المغني 17 / 191.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»