الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٥٩
الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن جميع الأصحاب شاهدا له، (1) فكيف يلزم أن يكون كل ما لم تعرفه الجماعة وتسمعه باطلا، يجب عليهم رده، وتكذيب راويه (2) وإذ لم تكن هذه حالهم لم يكن ما رتبه مثالا صحيحا فيهم، وكان المثال الصحيح أصحاب عالم واحد قد جرت عادته بأن يلقي بعض مذاهبه إلى بعض (3)، ويعول في وصول البعض الآخر إلى معرفته على خبر البعض الذي ألقي إليه، وإذا قدرت الحال هذا التقدير لم يجب أن يكذب هؤلاء الأصحاب من أخبرهم عن العالم بمذهب لم يسمعوه منه، بل جائز أن يصدقوا هذا المخبر إذا غلب في ظنهم صدقه، أو اعتقدوا ذلك لبعض الشبه وإن كان على الحقيقة كاذبا.
وقوله: " فكيف يجوز أن يتمسكوا به بخبر واحد (4) " إنما يكون حجاجا لمن قطع على أن خبر الاجماع لم يتصل بهم إلا من جهة الواحد وهذا مما لم نقله، ولا عولنا عليه، بل قد مضى في كلامنا أنه جائز نأ يكونوا تلقوه من جماعة لا يقطع بمثلها العذر واعتقدوا فيها بالشبهة أنها تقطع العذر، فإن كان ما ذكره قادحا في أن يكونوا عرفوه من جهة الواحد فليس بقادح فيما ذكرناه، اللهم إلا أن يقول: ولا يجوز أن يسمعوه أيضا من جماعة إلا ويجب عنهم تكذيبها من غير نظير في حالها، وهل يقطع أمثالها العذر أم لا؟ من حيث لو كان خبرها صحيحا لعرفه الكل، ولما اختص به جماعة دون جماعة، وهذا إن قاله أبطل بما تقدم، على أنه قد مضى في كلامه عند حكايته عن أبي هاشم ذكر الأقسام التي عرفت منها الصحابة صحة الخبر، عطفا على قوله " إما أن يكونوا علموا ذلك لكذا،

(1) خ " الصحابة شاهدين ".
(2) خ " رواته ".
(3) خ " بعضهم ".
(4) المغني 17 / 192.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»