العادة في امتناعها في غير أمتنا [أنها بمنزلتها في أمتنا في صحة التوصل إلى ثبوت الأخبار (1)]، وهذا يوجب عليكم أن تثبتوا أخبار النصارى في صلب المسيح عليه السلام إلى غير ذلك (2)... ".
قيل له: إنا عرفنا هذه العادة في أمة نبينا صلى الله عليه وآله ولم نعرف مثلها في غيرهم، والعادات إن كانت تابعة للتمسك بالدين، لم يمتنع أن يختلف أحوال أهل الدين فيها، ولم يثبت عندنا من حال سائر الأمم في التمسك في باب الدين، وما ينقل فيه من الأخبار ما ثبت في أمة نبينا.
وأما خبر الصلب فبعيد من هذا الباب، لأنا إنما نذكر في هذا ما ينقل في باب الدين والتمسك به، فما نعرف لامتنا مزية فيما ادعاه تبين (3) فيها من سائر الأمم، لأنا نعلم أن أهل العقل والتدين - من أي أمة (4) كانوا - لا يجوز أن يقبلوا إلا ما يعلمون أن يعتقدون صحته، وليس يجوز أن يجعل ردهم لبعض الباطل إذا زالت عنهم الشبهة في أمره، دلالة على أنهم لا يقبلون باطلا وإن قويت شبهته.
والمقدار الذي استدل به على أمتنا لا يقبل إلا الحق موجود في كل أمة، لأنا كما وجدنا أهل ملتنا قد ردوا كثيرا مما لم يصح عندهم، أو مما اعتقدوا بطلانه، فقد وجدنا أيضا جماعة من الأمم الخارجة من الملة قد استعملوا مثل ذلك. وردوا كثيرا مما لم يصح عندهم.