الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٦٦
المكلفين،... " (1).
فيقال له: إنما وجب في الحجة الاستغناء عن الحجة الأخرى يكون لطفا له في الامتناع من القبيح، وأداء الواجب (2) لعصمته وكماله، وما وجدنا في غيره ذلك لأنه لو كانت حال غيره من المكلفين كحاله لاستغنى عن إمام كما استغنى هو.
فإن قال: إذا جاز أن يقوم في الحجج والأئمة في باب اللطف والامتناع من القبائح غير الإمام مقام الإمام فلم لا يجوز مثل ذلك في غير الحجج والأئمة؟ وألا جاز أن يعلم الله تعالى ذلك في سائر المكلفين أو أكثرهم فيستغنوا عن الأئمة كما استغنت الأئمة؟.
قيل له: ليس يمتنع أن يعلم الله تعالى من حال بعض المكلفين ممن ليس بإمام أنه لا يختار شيئا من القبيح عند بعض الألطاف التي ليست بإمامة فيفعل ذلك ويكون معصوما لا يحتاج إلى إمام من هذا الوجه، غير أن الذي لا نجوزه هو أن يكون في المعلوم أن غير وجود الأئمة والرؤساء يقوم في لطف من جاز عليه من المكلفين فعل القبيح، ولم يؤمن منه الفساد والافتتان (3) مقام وجودهم حتى يكونوا عنده أقرب إلى فعل الواجب، وأبعد من فعل القبيح، كما يكونوا كذلك عند وجود الأئمة، والذي يمنع من هذا علمنا بأن الناس على طريقة واحدة يفسدون ويفتنون عند فقد الأئمة، ويصلحون ويستقيمون عند وجودهم، ولو كان ما ألزمناه جائزا لم يكن العلم الذي ذكرناه حاصلا على الحد الذي هو عليه،

(1) المصدر السابق.
(3) لا يخفى أن " أداء " معطوفة على " الامتناع ".
(3) الافتتان: الوقوع في الفتنة، والفتنة - بكسر الفاء - تطلق على الضلال والإثم والكفر وغيرها ولعل هذه المعاني هي المرادة هنا.
(١٦٦)
مفاتيح البحث: الغنى (1)، المنع (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»