والأمصار يقومون مقامه، وليس لأحد أن يقول: فيجب أن يكون الرؤساء للناس والأئمة بجميعهم على صفة الأمراء (1) من حيث قلنا: أن وجود الأمراء في البلدان يقوم مقام وجود الأئمة، لأن هذا الكلام في صفات الرئيس لا في وجوب وجوده.
ومن حيث وجبت الرئاسة في الجملة لا يعلم صفة الرئيس، وإنما يعلم صفته وأحواله، وما يجب أن يكون عليه باستئناف نظر واستدلال.
على أن رئاسة الأمراء والحكام في البلدان إنما قامت في اللطف والمصلحة مقام كون الإمام في تلك المواضع لأن الإمام من ورائهم، ولأنهم مسوسون بسياسته، ومتدبرون بتدبيره، ومنهون إليه أمورهم، وكل ذلك مفقود إذا لم يكن في العالم إمام.
وإذا كانت المصلحة في رئاسة هؤلاء إنما تتم بالإمام وكونه من وراء مراعاتهم فكيف يظن الاستغناء بهم عن الإمام؟
قال صاحب الكتاب: " ثم نعود إلى ما ذكروه من التفصيل (2)، وهو قولهم: إن السهو يعم الجميع فلا بد من حجة، فنقول لهم: جواز السهو عليهم لا يمنع من صحة قيامهم بما كلفوه " - إلى قوله - " ويمنع من التكليف في وقت لا يمكن الوصول إلى الحجة، ويوجب في نفس الحجة أنه لا يمكنه القيام بما كلف إلا بحجة،... (3) ".