الإمام حتى يزول النقص به، أن يكون الحال فيه كالحال ولا حجة في الزمان، لأن النقص لا يزول بوجود الإمام، وإنما يزول بما يظهر منه، ويعلم من قبله، وهذا يوجب عليهم في هذا الزمان وفي كثير من الأزمنة أن يكون المكلف معذورا، التكليف ساقطا... (1) " فيقال له: ليس يجب إذا لم يظهر الإمام ففات النفع به أن يكون الحال عند عدم ظهوره كالحال عند عدم عينه (2)، لأنه إذا لم يظهر لإخافة الظالمين لا ولأنهم أحوجوه إلى الغيبة والاستتار كانت الحجة في فوت المصلحة به عليهم، فكانوا هم المانعين أنفسهم من الانتفاع به، وإذا عدمت عين الإمام ففات المكلفين الانتفاع به كانت الحجة في ذلك على من فوتهم النفع به وهو القديم تعالى، وإذا وجب إزاحة علل المكلفين عليه تعالى علمنا أنه لا بد من أن يوجد إمام، ويأمر بطاعته، والانقياد له، سواء علم وقوع الطاعة من المكلفين أو علم أنهم يخيفونه ويلجئونه إلى الغيبة، وهذا بخلاف ما ظنه من كون المكلفين معذورين، أو سقوط التكليف عنهم.
فإن قال: إن كان المكلفون غير معذورين وقد أخافوا الإمام على دعواكم، وأحوجوه إلى السكوت بحيث لا ينتفعون به، ولا يصلون إلى مصالحهم من جهته فيجب أن يسقط عنهم التكليف الذي أمر الإمام به، ونهيه وتصرفه لطف فيه، لأنهم ما فعلوه، وقد منعوا من هذا اللطف، وجروا في هذا الوجه مجرى من قطع رجل نفسه في أن تكليفه بالصلاة قائما لا يلزمه ويجب سقوطه عنه، ولا يفرق في سقوط التكليف حال قطعه لرجل نفسه وقطع الله تعالى لها.