الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٤٦
قيل له: ليس يشبه حال المكلفين المانعين للإمام من الظهور والقيام بأمر الإمامة بحال القاطع لرجل نفسه في سقوط تكليف الصلاة مع القيام عنه بأن من قطع رجل نفسه قد أخرج نفسه عن التمكن من الصلاة قائما لأنه لا وصول إلى هذه الصلاة بشئ من أفعاله ومقدوراته، وليس كذلك حال الظالمين والمخيفين للإمام لأنهم قادرون ومتمكنون من إزالة إخافته، وما أحوجه إلى الغيبة، ويجرون في هذا الوجه مجرى من شد رجل نفسه في أن تكليفه للصلاة قائما لا يسقط عنه وإن كان في حال شدها غير متمكن من الصلاة لأنه قادر على إزالة الشد فيصح منه فعل الصلاة.
فإن قالوا: ما هذا الأمر الذي فعله الظالمون فمنعوا منه الإمام من الظهور، بينوه لنعلم صحة ما ادعيتموه من تمكنهم من إزالته، والانصراف عنه؟.
قيل له: المانع - في الحقيقة - عندنا من ظهوره هو إعلام الله تعالى أن الظالمين متى ظهر أقدموا على قتله وسفك دمه، فبطل الحجة بمكانه، وليس يجوز أن يكون المانع من الظهور إلا ما ذكرناه، لأن مجرد الخوف من الضرر وما يجري مجرى الضرر مما لا يبلغ إلى تلف النفس ليس يجوز أن يكون قانعا، لأنا قد رأينا من الأئمة عليهم السلام [م‍] من تقدم (1) ظهر مع جميع ذلك وليس يجوز أن يجعل المانع من الظهور علم الله تعالى من حال بعض المكلفين أو أكثرهم أنهم يفسدون عند ظهوره في بعض الأحوال لأنه إن قيل أنه يعلم ذلك على وجه يكون ظهوره مؤثرا فيه وجب سقوط ما عولنا عليه في أصل الإمامة من كونها لطفا في الواجبات، وارتفاع المقبحات ولزم فيها ما نأباه من كونها استفسادا في حال من الأحوال وإن لم يكن ظهوره مؤثرا فيما يتبع من الفساد لأجله كما لم يلزم استتار من تقدمه

(1) أي ممن تقدم على الإمام الغائب،.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»