الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٤٨
قيل له: قد أجاب أصحابنا عن هذا السؤال، بأن قالوا: إن العلة في استتار الإمام في غيبته عن أوليائه غير العلة في استتاره عن أعدائه،. وهو خوفه من الظهور لهم لئلا ينشروا خبره، ويجروا ذكره فيسمع به الأعداء، ويظهروا عليه فيؤول الأمر إلى الغاية الموجبة للاستتار من الأعداء، وهذا قريب.
ومما يمكن أن يجاب به عن هذا السؤال، أن يقال: قد علمنا أن الإمام إذا ظهر لجميع رعيته أو لبعضهم وليس يعلم صدقه في ادعائه أنه الإمام بنفس دعواه، بل لا بد من آية يظهرها تدل على صدقه، وما يظهره من الآيات ليس يعلم ضرورة كونه آية ودلالة (1)، بل يعلم ذلك بضروب الاستدلال التي يدخل في طرقها الشكوك والشبهات، وإذا صح هذا فمن لم يظهر له الإمام من أوليائه لا يمتنع أن يكون المعلوم من حاله أن ما يظهره الإمام من المعجزات دخل عليه في طريقه الشبهات فلا يصل إلى العلم بكونه آية معجزة، وإذا لم يصل إلى ما ذكرناه واعتقد في المظهر له ما يعتقد في المحتالين المخرفين (2) لم يمنع أن يكون في المعلوم منه أن يقدم مع هذا الاعتقاد على سفك معه، أو فعل ما يؤدي إلى ذلك من تنبيه بعضهم على - أعني بعض الأعداء - فيؤول الحال إلى العلة التي منعنا لها من ظهوره لأعدائه، وإن كان بين الأعداء والأولياء فرق من وجه آخر، لأن الأعداء قبل ظهوره معتقدون أنه لا إمام في العالم، وأن من ادعى الإمامة مبطل كاذب، فهم عند ظهور من يدعي الإمامة على الوجه الذي نذهب إليه لا ينظرون فيما يظهره مما يدعي أنه آية لتقدم اعتقادهم أن كل ما يدعيه من نسب الإمامة المخصوصة إلى نفسه من الآيات باطل

(1) يعني من جميع من شاهدها أو سمع بها.
(2) المخرف: الذي يأتي بما يستملح ولا يصدق عليه، وفي نسخة " المنخرفين ".
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»