الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٤٣
أوجبتم المعرفة بالله من حيث لا يتم معرفة الثواب والعقاب إلا بها؟ فإذا قال: نعم، قيل له: أفتقول إن هذه المعرفة التي أشرنا إليها لطف في نفسها حتى يكون المكلف لا يصح إيجابها عليه إلا بعد أن تتقدم معرفته بالثواب والعقاب؟ فإن قال: نعم، ففساد ذلك ظاهر، وإن قال: لا، قيل له: إذا جاز أن يستغني بعض التكليف عن هذه المعرفة وكونها لطفا فيه، فألا جاز الاستغناء عنها في سائر التكاليف؟ فإن قال: المعرفة بالثواب والعقاب وإن لم تكن لطفا في نفسها - من حيث لم يصح ذلك فيها - فهناك ما يقوم مقامها وهو الظن بهما فلم يعر (1) المكلف من لطف في تكليفه المعرفة وإن لم يكن مماثلا للطفه في سائر التكاليف، قيل له: فاقنع عنا بمثل ما اقتنعنا به، فإنا نقول لك إن معرفة كل الأئمة يستحيل أن يكون اللطف فيها معرفة الإمام، لأنه لا بد في أول الأئمة من أن تكون معرفته واجبة وإن لم يتقدم للمكلف معرفته بإمام غيره، وإذا استحال ذلك جاز أن يقوم مقام المعرفة بالإمام في هذا التكليف غيرها، ولا يجب أن يعم هذا الوجه سائر المكلفين والتكاليف كما لا يجب أن يعم اللطف الحاصل للمكلف في استدلاله على معرفة الله تعالى ومعرفة ثوابه وعقابه بسائر التكاليف.
قال صاحب الكتاب: " ثم يقال لهم: قد علمنا أن الإمام لا يصح أن يغير حالهم في القدرة والآلة والعقل وسائر وجوه التمكين فلا بد من كونها خاصة (2)، وكذلك فالأدلة على ما كلفوه منصوبة مع فقد الحجة، فإذا صح ذلك فما الذي يمنع من أن يستدلوا بها فيعلموا ما كلفوه

(1) من العري، والمراد أنه لا يخلو من اللطف.
(2) غ " حاصله ".
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»