فيقال له: قد بينا المراد بلفظ النقص، فإن أردت بسؤالك عن تمكنهم من القيام بما كلفوه مع بيانه أن ذلك مقدور لهم وأنه حائل بينهم وبينه فهم كذلك، وإن أردت أن حالهم مع ثبوت هذا النقص وفقد الإمام كحالهم مع وجود الإمام في القرب من الصلاح، والبعد من الفساد وفي كل ما يرجع إلى إزالة العلة، فليس هم كذلك، لأنا قد دللنا على أن وجود الإمام لطف فيما عددناه فليس يجوز أن يكون حال المكلفين مع فقده مساوية لحالهم مع وجوده، وإن كانوا في الحالين قادرين على فعل ما كلفوا به، ومجانبة ما نهوا عنه، وهذا بخلاف ظنك أن وصفهم بالنقص بمنزلة وصفهم بأنهم أجسام ومحدثون لكن وصفهم بما ذكرته لا تأثير له فيما قصدناه ووصفهم بالنقص مؤثر على الوجه الذي فصلنا الكلام فيه.
قال صاحب الكتاب: " ثم يقال لهم: يصح منه تعالى رفع هذا النقص بغير إمام ورسول [أم لا] فإن قالوا: لا، فقد جعلوا للإمام من القدرة ما لم يجعلوه لله تعالى،... (1) " يقال له: ما أبين فساد هذا الكلام وأقبح صور المتعلق به لأنك ظننت أن النقص إذا لم يرتفع إلا بالإمام ولم يقم فيه مقامه غيره أن ذلك وصف له بالقدرة على ما لا يقدر الله تعالى عليه، وكيف تظن ذلك مع مذهبك المعروف في اللطف، وأنه غير ممتنع عندك أن يعلم الله تعالى أن شيئا يصلح المكلف عنه لا يقوم غيره من جميع الأشياء في مصلحة مقامه، فلو قال لك قائل في معرفة الله تعالى - وهي أحد الألطاف عندك - إذا قلت: أن غير المعرفة من جميع الأشياء لا يقوم في مصلحة المكلف مقام المعرفة من الحظ والقدر في صلاح المكلف، فقد جعلت للمعرفة ما لم تجعله لله تعالى، ما كان يكون جوابك؟ وما