تظن إن قال قائل هذا لك يستحق عليك جوابا، بل يكون مكان جوابه التعجب من غفلته، وحمد الله على التنزيه عن منزلته؟ على أن من تعلق بلفظ النقص وأراد به ما فسرناه من ارتفاع العصمة وجواز فعل القبيح لا يجوز له أن يوجب الإمام ليرفع النقص لأنه معلوم أن وجوده ليس يدخلهم في العصمة، اللهم إلا أن يجعل وجوده رافعا لمقتضى النقص وهو فعل القبائح، ويكون قوله: " إنه يرتفع النقص " إشارة إلى مقتضاه فيصح الكلام والغرض، أو يريد بالنقص - في الأصل - فعل القبيح الذي هو غير مأمون مع فقد الرؤساء، ومعلوم أن وجودهم يرفعه أو يقلله فيصح على هذا الوجه القول: بأن وجوده يرفع النقص، وإن كان المعنى الأول أشبهه وأقرب.
قال صاحب الكتاب: " ثم يقال لهم: أتعلمون كون الإمام حجة باضطرار (1) أو باستدلال؟، فإن قالوا: باضطرار ونقصهم لا يؤثر في ذلك، قيل لهم: فجوزوا في سائر أمور الدين أن تعلموه باضطرار ولا يقدح النقص فيه، وإن قالوا باستدلال قيل لهم: فنقصهم يمنع من قيامهم بما كلفوه من الاستدلال على كونه حجة، فإن قالوا: نعم، لزمت الحاجة إلى إمام آخر، ثم الكلام فيه كالكلام في هذا الإمام، ويوجب ذلك إثبات أئمة لا أول لهم، مع أنهم لا يؤثرون كما لا يؤثر الواحد، فلا بد من القول أنه يمكنهم معرفة الحجة، والقيام بنصرته من غير حجة،.
قيل لهم: فجوزوا مثل ذلك في سائر ما كلفتموه وإن كان النقص قائما،... (2) ".