الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٤٢
فيقال له: كلامك هذا مبني على موضعين:
أحدهما: توهمك علينا إيجاب الحاجة إلى الإمام لنعلم عند وجوده ما لا نعلمه عند فقده، فقد بينا كيف قولنا في هذا وفصلناه، وكشفنا عن غرض من أطلقه وإن التقييد واجب فيه، والذي يدل أنك أردت ما حكيناه قولك: " فجوزوا في سائر أمور الدين أن تعلموه باضطرار ولا يقدح النقص فيه " ولو علمنا سائر أمور الدين باضطرار - كما ألزمت - لكانت الحاجة إلى الإمام ثابتة في وجه كونه لطفا في مجانبة القبيح وفعل الواجب، وليس يصح الاستغناء عنه وإن علمنا سائر الدين (1) باضطرار، لأن الاخلال بما علمنا اضطرار متوقع منا عند فقد الإمام، ولا نمنع كوننا مضطرين إلى العلم بوجوب الفعل من الاخلال به وكوننا مضطرين إلى علم قبحه من الإقدام عليه، لأن أكثر من يقدم على الظلم وما جانسه من القبائح يقدم عليه مع العلم بقبحه.
والموضع الآخر: ظنك أن ما كان لطفا في بعض التكاليف يجب أن يكون لطفا في جميعها، وهذا مما قد كشفنا عنه وعن فساده فيما تقدم، ودللنا على أنه لا يمتنع في الألطاف الخصوص والعموم، والخصوص من وجه والعموم من وجه آخر، فليس يجب إذا كان الإمام لطفا في ارتفاع الظلم والبغي ولزوم الإنصاف والعدل أن يكون لطفا في كل تكليف حتى يكون لطفا في معرفة نفسه.
هم يقال له: أليس معرفة الثواب والعقاب على الوجه الذي وجبا عليه لطفا في جميع فعل الواجبات والامتناع من سائر المقبحات فلذلك

(1) سائر الدين: أي جميعه.
(١٤٢)
مفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»