الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٣٢
ولا وقفت عليها من جهته فلذلك حسن منهم أن يروموا العقد لأحدهم ولهذا لما روى لهم أبو بكر الخبر المقتضي لحصول الإمام في المهاجرين أحسنوا الظن به، وصدقوه وعدلوا عما كانوا هموا به، لأن الأنصار من أهل الحل والعقد، وممن كان قد كلف اختيار الإمام والعقد له عند خصومنا.
وليس يجوز أن يكلفهم الرسول اختيار من لا يوقفهم على صفته، لأنه إن جاز ذلك في الأنصار جاز فيها (1) وفي المهاجرين، وبطل ما عول عليه صاحب الكتاب وأحوجه إلى هذا الكلام الذي نحن في نقضه.
وكيف ينسى خصومنا في هذا الموضع ما لا يزالون يقولونه ويعتمدونه في تقبيح قولنا، والتشنيع على مذهبنا من تعظيمهم لأمر الإمامة، وتفخيمهم لشأن النص عليها، وأن النصوص فيها يجب أن تكون أظهر وأشهر من النصوص على سائر الفرائض والعبادات، لأنها أصل الدين وقطبه، والمنزلة الثالثة للنبوة ولأن العبادة بمعرفتها عامة، وبكثير العبادات خاصة إلى غير ما ذكرناه مما يظنون فيه، ويسهبون (2) فيوجبون به علينا أن يكون الخلق مشتركين في معرفة النص الوارد فيها، وأن يكون العلم بها عاما غير خاص، وشائعا غير خاف، وما ذكرنا من النص على صفات الإمام وما يتولاه والمختارين له، وما هذه سبيله في وجوب الظهور والاشتراك في المعرفة به لا يجوز أن يخفى على الأنصار ولا يتصل بهم حتى يسمعوه من واحد في مجلس الخصومة والنزاع

(1) أي في جماعة الأنصار.
يسهبون: يكثرون الكلام.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»