الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٢٤
الإمام في كل حال وأوان، والجاعلين الأحوال كلها متساوية في الحاجة إليه.
فأما قوله: " ولا يمكن الاعتماد في ذلك على قوله عليه السلام:
" إن الأئمة من قريش " (١) وأنه إذا أوجب فيها هذه الصفة دل على وجوبها، وذلك لأنه عليه السلام قد بين الصفة التي لا تصح العبادة إلا معها ويكون نقلا لما قد يتبين كونها واجبة فمن أين أنه أراد الإمامة الواجبة من قريش دون غيرهم، دون أن يريد أن الإمامة المستحبة أو التي ندبتم إليها، أو التي يلزمكم في حال دون حال... (٢) " فقد استعمل صاحب الكتاب في الرد على من تعلق بالطريقة التي ذكرها مثل ما استعملناه في الرد على طريقته التي ابتدأ بها هذا الباب وقام في دفعها مقامنا في دفع ما اعتمده، لأنا نعلم أن قوله (الأئمة من قريش) وإن كان بصورة الخبر فهو أمر، وتقدير الكلام اختاروا من قريش أو إذا اخترتم إماما فليكن من قريش، ولو لم يكن بمعنى الأمر وإن كان له لفظ الخبر لما ساغ الاحتجاج به على الأنصار، ولا يكون الحجة ثابتة عليهم إلا إذا كان أمرا في الحقيقة. أوله معنى الأمر، فإذا لم يمتنع عنده أن يريد بذلك إذا أقمتم إماما فليكن من قريش فيكون الخبر مفيدا لصفة الإمام الذي هم مخيرون في إقامته غير مقتض لوجوب إقامته فكذلك قوله تعالى: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما﴾ (3) وتوجيهه تعالى هذا الخطاب إلى الأئمة دون

(١) هذا الحديث احتج به أبو بكر يوم السقيفة على الأنصار ولكن الجمع بينه وبين قوله عمر: " لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفه " يوقع الباحث في حيرة لأن سالما ليس بقرشي.
(٢) المغني ٢٠ ق ١ / ٤٨.
(٣) سورة المائدة: ٤١.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»