الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٢٩
خليفتي فلان أو فلان لم يحسن منهم أن يقولوا له: بين لنا من يتولانا وما يتولاه خليفتك فينا، وما يحتاج إلى خليفتك فيه من أمورنا، لأنهم إذا كانوا عارفين بما يتولاه ذلك الملك المستخلف من أمورهم فهم عالمون بأن خليفته القائم مقامه يتولى من أمورهم ما كان يتولاه مستخلفه إلا أن يخص بعض الولايات المستخلف بنص صريح فيخرج من جملة ما ينظر فيه خليفته، ولهذا يحسن أن يقول لهم: خليفتي عليكم في كذا وكذا فلان، فأما إذا استخلف بالاطلاق وسئل عن خليفته في الجملة لم يكن المفهوم إلا ما قدمناه، فليس في سؤال القوم للنبي صلى الله عليه وآله: من يقوم بالأمر من بعده لو كانوا سألوه حسب ما ادعاه دلالة على ما توهمه من وقوع بيان متقدم فيه - عليه وعلى آله السلام - لأن ما ذكرناه من معرفتهم بما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وآله وبأن الخليفة لغيره هو القائم بما كان يقوم به المتولي لما كان يتولاه يغني عن بيان منه عليه السلام، وليس يقتضي سؤالهم إلا للشك في عين القائم بالأمر بعده دون الشك في الشئ الذي يقوم به.
وكذلك ما ادعى من قوله: " إن وليتم أبا بكر " لا يقتضي وقوع بيان منه لمعنى الولاية والغرض بها. لأن ما ذكرناه من المعرفة الحاصلة لهم أقوى من كل بيان بالقول وآكد من كل لفظ، وإنما حمل صاحب الكتاب على ادعاء بيان متقدم ذهابه عن التفصيل الذي أوردناه، ولأنه رأى سؤالهم من يقوم بالأمر بعده يقتضي تقدم معنى الولاية والغرض بها في نفوسهم، ولا شك في أن ذلك كان مقدره عندهم ولكن من الوجه الذي بيناه لا من حيث ظن صاحب الكتاب.
فأما إنكاره للقياس في الإمامة فقد بينا أنه قد استعمله واعتمده، بل قد استعمل نفس ما أنكره من حمل الإمامة على الإمارة ولم يمنعه منه
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»