الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١١٩
العقول، لأن اجتلاب المنافع ودفع المضار التي يجب في كل حال. ولا يجوز أن تكون غير واجبة يجب فيها الاجتلاب والتحرز بالعقل، وإن كانت مما يجوز أن يجب وأن لا يجب فالواجب على صاحب الكتاب أن يورد في إثبات وجوبها دليلا سمعيا يخصها ويدل على وجوبها، لأنه إذا كان وجوبها مجوزا حصوله وسقوطه من طريق العقل لزم من أثبته سمعا إيراد دليل سمعي فيه، وتعلقه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يغني عنه شيئا لأن لمن يخالفه أن يقول: إنني أثبت ذلك بالسمع المخصوص ولإجماع الأمة عليه، والإمامة خارجة عند لأنه لا إجماع فيها ولا سمع يقتضي وجوبها على التخصيص، ومن ادعى لحوقها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجب عليه أن يستدل على دعواه ويبين وجه دخولها في باب الأمر بالمعروف.
وليس لأحد أن يقول: إن الإمامة تجب لمصالح الدين وإن لم تجب من طريق العقول - كالصلاة وغيرها مما يكشف السمع عن كونه مصلحة في الدين - لأنا قد بينا أن الوجه في وجوبها معلوم في العقول ومستدرك قبل ورود السمع، ولو تجاوزنا ذلك لم يجب لحوقها بالصلاة من حيث علم بالسمع أن فيها مصلحة. لأنه غير ممتنع أن تثبت المصلحة فيها على وجه لا يقتضي الاستمرار، وإن اقتضى الاستمرار لم يقتض الوجوب، فقد علمنا أن لنا في جميع النوافل مصالح وإن لم تكن واجبة. فليس يجب إذا علم بالسمع بثبوت المصلحة الراجعة إلى الدين في الإمامة أن تكون واجبة، فيلزمه إذا ادعى وجوبها ولحوقها بالواجبات من العبادات كالصلاة وغيرها أن يدل على موجب دعواه، وتنفصل من خصمه إذا ألحقها بالنوافل الشرعية التي فيها مصالح دينية وهي مع ذلك غير واجبة.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»