الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٢٢
بل لم يرده لأن كلامه يدل على الثاني، فإن كان أراده فما كانت به حاجة إلى أن يتمحل (1) الأدلة على وجوب الإمامة من أول الباب إلى هاهنا ويستعمل ضروب الطرق، فتارة يتعلق بالقرآن، وتارة بأفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخرى بقياس الإمامة على الإمارة واستخراج علة وجوب إقامة الأمراء على الأئمة ونقلها إلى وجوب الإمامة، وما فيه إجماع لا يحتاج في تثبيته إلى شئ مما تكلفه، فصاحب الكتاب بين أمرين إما أن يكون ما ادعاه من الاجماع حقا والمخالف فيه شاذا لا يعد خلافه خلافا، أو أن يكون الاجماع فيما ادعاه، فإن كان الأول بطل أن يكون فيما تكلفه من الكلام والاستدلال على المسألة غرض صحيح، وجرى جميع ما أورده مجرى العبث، وقام فيه مقام المستدل بدقيق الأدلة وضروب الطرق على أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بصلوات خمس، ودعا إلى حج الكعبة، وإن كان الأمر على الوجه الثاني فقبيح بمثله أن يدعي الاجماع في موضع لا إجماع فيه، وعلى أن ما توهمه من الاجماع غير ثابت لأن الخوارج وهي فرقة من فرق الأمة التي إذا عددنا فرق الأمة لم يكن بد من إلحاقهم بها، وعد فرقهم في جملة الفرق، تخالف في ذلك وتذهب إلى خلاف مذهبه.
وليس قوله: " إنني لا أعدهم في الاجماع " بحجة لأن للخوارج أن يقولوا له مثل قوله بحدوث فرقتهم (2) وزمان حدوثهم وابتداء أصل مقالتهم معروف كما أن ذلك معروف في مقالة الخوارج.
فأما ضرار والأصم فإخراجهما أيضا من الاجماع مع كثرة من يذهب

(1) التمحل: الاحتيال والمراد به هنا التكلف.
(2) أي المعتزلة.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»