الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٢٠
فأما قوله: " وقد اعتمدا (1) وغيرها على ما ثبت من إجماع (2) الصحابة لأنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله فزعوا إلى إقامة الإمام على وجه يقتضي أن لا بد منه، وما نقل من الأخبار، وتواتر في ذلك يدل على ما قلناه من حالتهم عند العقد لأبي بكر يوم السقيفة، ثم بعده لعمر، ثم بعده في قصة الشورى وما جرى فيه‍ [ا]، وبعده لأمير المؤمنين [علي] عليه السلام. وقد علمنا أن التشدد في ذلك على الوجوه التي جرت منهم حالا بعد حال لا يكون إلا في الأمر الواجب الذي لا بد منه،... (3) ".
فالذي ذكره يدل - إن كان دالا - على حسن إقامة الإمام وجواز نصبه، ولا يدل على وجوب ذلك في كل عصر وزمان لأنه لا يمتنع أن يكون العاقدون لأبي بكر والمجتمعون للشورى إنما بادروا إلى ما بادروا إليه وحرصوا عليه لأن الحال اقتضته، ولأنه غلب في ظنونهم أن إهمال العقد فيه فساد وانتشار، وليس في من يخالف في وجوب الإمامة - على كل حال - من ينفي حسنها ويدفع أن يقتضي بعض الأحوال الفزع إليها فيكون ما ذكره حجاجا له (4)، بل من قولهم: إن الإمام قد يجوز أن يستغنى عنه في بعض الأحوال التي تغلب في الظن أن الناس فيها يلزمون الصلاح والسداد في الأكثر وإن كان غير مستغن عنه في الأحوال التي تغلب في الظن أن الفساد يقع عند إهمال نصبه، وسائر ما ذكره من التشدد والحرص لا يدل على وجوب الإمامة في كل حال. لأن الذي ذكرناه من

(1) يريد شيخيه الجبائيين كما تقدم.
(2) اجتماع، خ ل.
(3) المغني 20 ق 1 / 47.
(4) محتاجا له، خ ل.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»