إلى مذهبهما في ذلك لا معنى له، ويطرق قوله: " إن الاجماع قد سبقهما عليه " أشياء كثيرة نحن أغنياء عن ذكرها، فليس في شيوخه الأدنين والأقصين إلا من ذهب إلى قول قد سبقه الاجماع إلى خلافه.
فإن قال: أليس قد احتج كثير من أصحابكم في وجوب الإمامة بالاجماع مع علمه بخلاف الخوارج والأصم وغيرهم؟ فكيف طعنتم على الاحتجاج بهذه الطريقة؟.
قيل له: ليس يصح قبل ثبوت وجود المعصوم الاستدلال بالاجماع على وجوب الإمامة ولا على غيرها، وإنما صح استدلال بعض أصحابنا بالاجماع في وجوب الإمامة ولم يحفل (1) بخلاف من خالف في وجوبها بعد أن ثبت له وجود إمام معصوم في جملة الفرقة المحقة التي هي الإمامية، وأمن بذلك من اجتماعها على الخطأ، فلو لم يقل بوجوبها إلا فرقة الإمامية وخالفها سائر الفرق لكانت الحجة ثابتة بقولها من الوجه الذي ذكرناه، وليس يمكن الخصوم مثل هذا في مذاهبهم، فمن هاهنا دفعناهم عن الاحتجاج بما ذكره، وأوجبنا عليهم الاعتبار لمن خالفهم في وجوب الإمامة.
فأما ما حكاه عن أبي علي من تأوله قول الأصم وظنه أن قوله موافق لقولهم في باب الإمامة فغير مجد عليه، لأن الأصم يقول: " إنه غير ممتنع أن يغلب في ظن الناس في بعض الأحوال زوال التظالم، واستعمال طريقة الإنصاف فيستغنون عن إمام، وإن ذلك مما يجوز حصوله في كل حال يشار إليها " (2) وهذا تصريح بخلاف القوم الذاهبين إلى وجوب إقامة