الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١١١
وقوله في من يصلح للإمامة: " إذا كان المعلوم أنه يصير إماما قد يتناوله الخطاب " تصريح بأن من لا يعلم من حاله أن يصير إماما لم يتناوله الخطاب، وهذا نقض لأصل الباب الذي شرع في نصرته. والاستدلال عليه، بل لأكثر الأصول لأنه يوجب عليه لو علم الله تعالى من حال أهل العقد ومن يصلح للإمامة بأنهم لا يقيمون إماما ولا يختارون أحدا للإمامة أن يكونوا معذورين في ترك الإمامة من حيث لم يكونوا مخاطبين بها. لأنهم إنما يلزمهم الحرج بترك الاختيار إذا كانوا مخاطبين بإقامة الحدود والتوصل إلى إقامتها، وصاحب الكتاب لم يزل يجهد نفسه حتى صرح بما يوجب سقوط الإمامة، ويبسط عذر من ترك إقامتها، وعدل عن الاهتمام بها، ويجب عليه - أيضا - أن يكون كل من علم تعالى حاله أنه لا يفعل بعض العبادات غير مخاطب بها ولا مكلف وفي هذا من هدم الدين ما فيه.
فأما قوله: " على أن لا خلاف بين المسلمين أن ما أمر الله تعالى بفعله من إقامة الحدود وما يجري مجراها لا يجوز تضييعه ما أمكن، وإنما اختلفوا في أنه يحرم تضييعه على أي وجه؟ فمنهم من قال: " يحرم ذلك إذا حصل الإمام " ومنهم من يقال: " يحرم قبل حصوله " فإذا لم يكن بين الحالين (1) فرق في أن التضييع وترك التضييع ممكن فيجب أن يحرم التضييع متى أمكن العدول عنه... (2) " فما زاد على أن ادعى أنه لا فرق بين الحالين، ولو لم يكن بينهما فرق إلا أن الاجماع حاصل على تحريم تضييعه عند حصول الإمام والخلاف واقع فيه قبل حصول الإمام لكفى في بطلان قوله على أن إقامة الحدود من فروض الإمام وعباداته وكذلك ما

(1) غ " الحالتين ".
(2) المغني 20 ق 1 / 45.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»