وجوبه دونه، وليس من حيث كان أحدهما كالأصل والآخر كالفرع بحسب ما ظنه، لأنا لا نعلم أن التكليف كالأصل لوجوب الألطاف وأنه متقدم له، ومع هذا فإن التكليف تفضل، والألطاف بعد التكليف واجبة. ونظائر ما ذكرناه كثير جدا في العقليات والشرعيات معا، لأن قبول الوديعة غير واجب وقد يلزم بعد قبولها الرد عند المطالبة وإن كان القبول كالأصل من حيث كان لولاه لم يلزم الرد، وكذلك عقد النكاح غير واجب في الأصل وإذا وقع وجب المهر عند حصول شرطه (١) وإن كان لولا العقد المتقدم الذي يجب لم يكن واجبا لما وجب، فإذا صح ما ذكرناه لم يكن منكرا أن يتعبد الإمام بقبول العقد، وإن كان من يختاره للإمامة مخيرا في اختياره له.
فأما قوله: " فإن قيل: إنه قبل أن يصير إماما ليس بمخاطب بإقامة الحدود إلا بشرط أن يصير إماما، وله أن يقول: لا أصير نفسي إماما لكي (١) أقيم الحدود، وإنما يلزمني ذلك إذا صرت إماما لأن الله تعالى كأنه قال: (والسارق والسارقة فاقطعوا) - أيها الأئمة - ﴿أيديهما﴾ (2)، فمن لا يكون بهذه الصفة لا يدخل تحت الخطاب.
قيل له: ليس الأمر كما قدرته لأن الأئمة يتجدد كونهم أئمة والخطاب لا يتجدد فلا بد من أن يكون الخطاب متناولا لجميعهم قبل أن يصيروا أئمة. فإذا صح ذلك فمن يصلح للإمامة إذا كان المعلوم أنه يصير إماما قد تناوله الخطاب فيلزمه التوصل إلى ذلك وإن كان في الوقت لا يحل