الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١١٥
ثبت وجوب الزكاة على مالك النصاب ولم أجد في وجوبها علة إلا كونها نفعا للفقراء، وهذه العلة حاصلة في من لا نصاب معه وهو متمكن من الاكتساب وتحصيل النصاب ويوجب بهذا الاعتبار اكتساب المال ليتوصل به إلى نفع الفقراء كما أوجب صاحب الكتاب على الإمام إقامة الأمراء من حيث ظن أن العلة فيه التوصل إلى إقامة الحدود، فليس له أن يقول:
" إن الاجماع منعقد على نفي وجوب اكتساب المال، فلهذا فرقت بين الأمرين " وقلت أن الاجماع لا يجوز أن يقتضي المناقضة، بل حصوله يدلنا أن الزكاة لم تجب على مالك النصاب من حيث كانت نفعا للفقراء فقط، بل لأمر زائد، وإذا صح هذا فكذلك غير ممتنع أن يكون إقامة الأمراء لم يلزم الإمام لأجل التوصل المطلق إلى إقامة الحدود، بل لأمر يخص الإمام ولا يجب أن يحمل حالنا فيه على حاله.
وقوله: " لا يجوز أن يكون من واجباته ما لا يمكن الوفاء به " (1) ليس المعني فيه ما قدره، لأنه ظن أن ذلك يلزمه في كل بلد على سبيل الجمع. وليس المراد هذا وإنما هو أن الإمام مكلف بهذه الأمور وأنه يتولاها بنفسه أو يستخلف فيها على سبيل البدل، وليس يجب - إذا تعذر عليه تولي الكل بنفسه - أن يخرج الكل من وجوبه على الوجه الذي رتبناه. لأنه لا بلد من البلدان ولى الإمام فيه أمراء وحكاما إلا وقد كان يجوز أن يتولى ما ولاهم إياه بنفسه. فالذي توهمه في هذا الموضع فهو غير صحيح.
فأما قوله: " وبعد، فلو كان إقامة الرئيس (2) غير واجبة لكان من

(1) لا يخفى أن ما نقله الشريف من كلام القاضي هنا نقله بمعناه لا بحروفه وكثيرا ما يفعل ذلك.
(2) غ " الإمام ".
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»