مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٤
ويؤيد ما ذكرناه ما روى في الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال: من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكملت مرؤته وظهرت عدالته ووجبت أخوته.
وبما ذكرناه يظهر أن المنع من غيبة الفاسق المصر - كما يميل إليه كلام بعض من تأخر - ليس بالوجه، لان دلالة الأدلة على اختصاص الحكم بغيره أظهر من أن يبين. وما ورد من تحريم الغيبة على العموم كلها من طرق أهل الخلاف لمن تدبر ذلك.
وحيث تحرم الغيبة يدخل فيها أمور ذكر بعضها بعض علمائنا: كنقصان يتعلق في البدن كالعمش والعور، وفي النسب كفاسق الأب وخسيس النسب، وفي الخلق كأن يقول سئ الخلق بخيل، وبالفعل المتعلق بالدين كسارق كذاب وبالدنيا كقليل الأدب متهاون بالناس، وبالثوب كقولك واسع الكم طويل الذيل...
إلى أن قال: إن ذلك لا يكون مقصورا على التلفظ به بل التعريض به والإشارة كذلك، وكذا الايماء والغمز وكلما يفهم منه المقصود داخل في الغيبة مساو للتصريح في المعنى. قال: ومن ذلك ما روي عن عائشة أنها قالت: دخلت علينا العراة فلما ولت أو مأت بيدي، أي قصيرة.
فقال صلى الله عليه وآله: إغتبتيها. ولا بأس بملاحظة ما ذكر ولو من باب الأولوية.
ونقل الاتفاق على جواز الغيبة في مواضع: كالشهادة، والنهي عن المنكر، وشهادة ونصح المستشير، وجرح الشاهد والراوي، وتفضيل بعض العلماء والصناع على بعض، وغيبة المتظاهر بالفسق الغير المستنكف، وذكر المشتهر بوصف متميز له كالأعرج والأعور لا على سبيل الاحتقار والذم، وذكره عند من يعرفه بذلك بشرط عدم سماع غيره، والتنبيه على الخطأ في المسائل العلمية بقصد أن لا يتبعه أحد فيها (1).
وفي الحديث: (من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم

(1) هذا الكلام مختصر لما جاء في كتاب كشف الريبة للشهيد الثاني. انظر تفصيله ص 41 - 45.
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ض 3
2 باب ط 35
3 باب ظ 87
4 باب ع 105
5 باب غ 290
6 باب ف 351
7 باب ق 445