ولم يأذن الشارع في تحقيق صفته..
إلى أن قال: وهذه الروح لا تفنى ولا تموت، بل يتبدل بالموت حالها فقط ولا يتبدل منزلها، والقبر في حقها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من جفر النار، إذ لم يكن لها مع البدن علاقة سوى استعمالها للبدن واقتناصها أوائل المعرفة بواسطة شبكة الحواس، فالبدن آلتها ومركبها وشبكتها، وبطلان الآلة والشبكة والمركب لا يوجد بطلان الصائد. نعم إن بطلت الشبكة بعد الفراغ من الصيد فبطلانه غنيمة، إذ يتخلص من حمله وثقله ولذلك قال عليه السلام " تحفه المؤمن الموت "، وإن بطلت الشبكة قبل الصيد عظم فيه الحسرة والندامة والألم، ولذلك يقول المقصر (رب ارجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا) بل من كان ألف الشبكة وأحبها وتعلق قلبه بحسن صورتها وصنعتها وما يتعلق بسببها كان له من العذاب ضعفين: أحدهما حسرة فوات الصيد الذي لا يقتنص إلا بشبكة البدن، والثاني زوال الشبكة مع تعلق القلب بها وألفه بها. وهذا مبدأ من مبادئ معرفة عذاب القبر - انتهى. وسيجئ في نفس زيادة بحث انشاء الله تعالى.
وفي الحديث " الأرواح خمسة:
وروح القدس، وروح الايمان، وروح القوة، وروح الشهوة وروح البدن. فمن الناس من يجتمع فيه الخمسة الأرواح وهم الأنبياء السابقون، ومنهم من تجتمع فيهم أربعة أرواح وهم من عداهم من عداهم من المؤمنين، ومنهم من يجتمع فيه ثلاثة أرواح وهم اليهود والنصارى ومن يحذو حذوهم " وسيأتي تفصيل ذلك وتوضيحه في سبق انشاء الله تعالى.
وفيه: إذا زنى الزاني فارقه روح الايمان " (1) أي نوره وهداه وكماله الذي هو بمنزلة الروح من الجسد، فالمراد حينئذ من مفارقة روح الايمان نفي الكمال لا الحقيقة، فقوله (ع) مثل قوله تعالى، (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) إذ النهي في الانفاق من الخبيث - على ما