نعلمهم بها ما علمتنا أبوتنا جواري، أو صفونا (* قوله جواري أو صفونا هكذا في الأصل هنا بالجيم، وفي مادة صفن بالحاء).
وتأباه: اتخذه أبا، والاسم الأبوة، وأنشد ابن بري لشاعر:
أيوعدني الحجاج، والحزن بيننا، وقبلك لم يسطع لي القتل مصعب تهدد رويدا، لا أرى لك طاعة، ولا أنت مما ساء وجهك معتب فإنكم والملك، يا أهل أيلة، لكالمتأبي، وهو ليس له أب وما كنت أبا ولقد أبوت أبوة، وقيل: ما كنت أبا ولقد أبيت، وما كنت أما ولقد أممت أمومة، وما كنت أخا ولقد أخيت ولقد أخوت، وما كنت أمة ولقد أموت. ويقال: استئب أبا واستأبب أبا وتأب أبا واستئم أما واستأمم أما وتأمم أما. قال أبو منصور: وإنما شدد الأب والفعل منه، وهو في الأصل غير مشدد، لأن الأب أصله أبو، فزادوا بدل الواو باء كما قالوا قن للعبد، وأصله قني، ومن العرب من قال لليد يد، فشدد الدال لأن أصله يدي. وفي حديث أم عطية: كانت إذا ذكرت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت بأباه، قال ابن الأثير:
أصله بأبي هو. يقال: بأبأت الصبي إذا قلت له بأبي أنت وأمي، فلما سكنت الياء قلبت ألفا كما قيل في يا ويلتي يا ويلتا، وفيها ثلاث لغات: بهمزة مفتوحة بين الباءين، وبقلب الهمزة ياء مفتوحة، وبإبدال الياء الأخيرة ألفا، وهي هذه والباء الأولى في بأبي أنت وأمي متعلقة بمحذوف، قيل: هو اسم فيكون ما بعده مرفوعا تقديره أنت مفدي بأبي وأمي، وقيل: هو فعل وما بعده منصوب أي فديتك بأبي وأمي، وحذف هذا المقدر تخفيفا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب به.
الجوهري: وقولهم يا أبة افعل، يجعلون علامة التأنيث عوضا من ياء الإضافة، كقولهم في الأم يا أمة، وتقف عليها بالهاء إلا في القرآن العزيز فإنك تقف عليها بالتاء (* قوله تقف عليها بالتاء عبارة الخطيب: وأما الوقف فوقف ابن كثير وابن عامر بالهاء والباقون بالتاء).
اتباعا للكتاب، وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث بالتاء فيقولون: يا طلحت، وإنما لم تسقط التاء في الوصل من الأب، يعني في قوله يا أبة افعل، وسقطت من الأم إذا قلت يا أم أقبلي، لأن الأب لما كان على حرفين كان كأنه قد أخل به، فصارت الهاء لازمة وصارت الياء كأنها بعدها. قال ابن بري: أم منادى مرخم، حذفت منه التاء، قال: وليس في كلام العرب مضاف رخم في النداء غير أم، كما أنه لم يرخم نكرة غير صاحب في قولهم يا صاح، وقالوا في النداء يا أبة، ولزموا الحذف والعوض، قال سيبويه: وسألت الخليل، رحمه الله، عن قولهم يا أبة ويا أبة لا تفعل ويا أبتاه ويا أمتاه، فزعم أن هذه الهاء مثل الهاء في عمة وخالة، قال: ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة وخالة أنك تقول في الوقف يا أبه، كما تقول يا خاله، وتقول يا أبتاه كما تقول يا خالتاه، قال: وإنما يلزمون هذه الهاء في النداء إذا أضفت إلى نفسك خاصة، كأنهم جعلوها عوضا من حذف الياء، قال: وأرادوا أن لا يخلوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف النداء، وأنهم لا يكادون يقولون يا أباه، وصار هذا محتملا عندهم