لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ١١
خصومة تنقب أوساط الركب لأنهم كانوا إذا تخاصموا جثوا على الركب.
أطلعته من رتب إلى رتب، حتى ترى الأبصار أمثال الشهب يرمي بها أشوس ملحاح كلب، مجرب الشكات ميمون مذب وقال الفراء في قوله:
يا بأبي أنت ويا فوق البيب قال: جعلوا الكلمتين كالواحدة لكثرتها في الكلام، وقال: يا أبة ويا أبة لغتان، فمن نصب أراد الندبة فحذف. وحكى اللحياني عن الكسائي:
ما يدرى له من أب وما أب أي لا يدرى من أبوه وما أبوه.
وقالوا: لأب لك يريدون لا أب لك، فحذفوا الهمزة البتة، ونظيره قولهم:
ويلمه، يريدون ويل أمه. وقالوا: لا أبا لك، قال أبو علي: فيه تقديران مختلفان لمعنيين مختلفين، وذلك أن ثبات الألف في أبا من لا أبا لك دليل الإضافة، فهذا وجه، ووجه آخر أن ثبات اللام وعمل لا في هذا الاسم يوجب التنكير والفصل، فثبات الألف دليل الإضافة والتعريف، ووجود اللام دليل الفصل والتنكير، وهذان كما تراهما متدافعان، والفرق بينهما أن قولهم لا أبا لك كلام جرى مجرى المثل، وذلك أنك إذا قلت هذا فإنك لا تنفي في الحقيقة أباه، وإنما تخرجه مخرج الدعاء عليه أي أنت عندي ممن يستحق أن يدعى عليه بفقد أبيه، وأنشد توكيدا لما أراد من هذا المعنى قوله:
ويترك أخرى فردة لا أخا لها ولم يقل لا أخت لها، ولكن لما جرى هذا الكلام على أفواههم لا أبا لك ولا أخا لك قيل مع المؤنث على حد ما يكون عليه مع المذكر، فجرى هذا نحوا من قولهم لكل أحد من ذكر وأنثى أو اثنين أو جماعة:
الصيف ضيعت اللبن، على التأنيث لأنه كذا جرى أوله، وإذا كان الأمر كذلك علم أن قولهم لا أبا لك إنما فيه تفادي ظاهره من اجتماع صورتي الفصل والوصل والتعريف والتنكير لفظا لا معنى، ويؤكد عندك خروج هذا الكلام مخرج المثل كثرته في الشعر وأنه يقال لمن له أب ولمن لا أب له، لأنه إذا كان لا أب له لم يجز أن يدعى عليه بما هو فيه لا محالة، ألا ترى أنك لا تقول للفقير أفقره الله؟ فكما لا تقول لمن لا أب له أفقدك الله أباك كذلك تعلم أن قولهم لمن لا أب له لا أبا لك لا حقيقة لمعناه مطابقة للفظه، وإنما هي خارجة مخرج المثل على ما فسره أبو علي، قال عنترة:
فاقني حياءك، لا أبا لك واعلمي أني امرؤ سأموت، إن لم أقتل وقال المتلمس:
ألق الصحيفة، لا أبا لك، إنه يخشى عليك من الحباء النقرس ويدلك على أن هذا ليس بحقيقة قول جرير:
يا تيم تيم عدي، لا أبا لكم لا يلقينكم في سوءة عمر فهذا أقوى دليل على أن هذا القول مثل لا حقيقة له، ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون للتيم كلها أب واحد، ولكنكم كلكم أهل للدعاء عليه والإغلاظ له؟ ويقال: لا أب لك ولا أبا لك، وهو مدح، وربما قالوا لا أباك لأن اللام كالمقحمة، قال أبو حية النميري:
(١١)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست