جارية على ألسن العرب تستعملها كثيرا في خطابها وتريد بها التأكيد، وقد نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يحلف الرجل بأبيه فيحتمل أن يكون هذا القول قبل النهي، ويحتمل أن يكون جرى منه على عادة الكلام الجاري على الألسن، ولا يقصد به القسم كاليمين المعفو عنها من قبيل اللغو، أو أراد به توكيد الكلام لا اليمين، فإن هذه اللفظة تجري في كلام العرب على ضربين: التعظيم وهو المراد بالقسم المنهي عنه، والتوكيد كقول الشاعر:
لعمر أبي الواشين، لا عمر غيرهم، لقد كلفتني خطة لا أريدها فهذا توكيد لا قسم لأنه لا يقصد أن يحلف بأبي الواشين، وهو في كلامهم كثير، وقوله أنشده أبو علي عن أبي الحسن:
تقول ابنتي لما رأتني شاحبا:
كأنك فينا يا أبات غريب قال ابن جني: فهذا تأنيث الآباء، وسمى الله عز وجل العم أبا في قوله: قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق. وأبوت وأبيت: صرت أبا. وأبوته إباوة: صرت له أبا، قال بخدج:
اطلب أبا نخلة من يأبوكا، فقد سألنا عنك من يعزوكا إلى أب، فكلهم ينفيكا التهذيب: ابن السكيت أبوت الرجل أأبوه إذا كنت له أبا.
ويقال: ما له أب يأبوه أي يغذوه ويربيه، والنسبة إليه أبوي. أبو عبيد: تأبيت أبا أي اتخذت أبا وتأميت أمة وتعممت عما. ابن الأعرابي: فلان يأبوك أي يكون لك أبا، وأنشد لشريك بن حيان العنبري يهجو أبا نخيلة:
يا أيهذا المدعي شريكا، بين لنا وحل عن أبيكا إذا انتفى أو شك حزن فيكا، وقد سألنا عنك من يعزوكا إلى أب، فكلهم ينفيكا، فاطلب أبا نخلة من يأبوكا، وادع في فصيلة تؤويكا قال ابن بري: وعلى هذا ينبغي أن يحمل بيت الشريف الرضي:
تزهى على ملك النسا ء، فليت شعري من أباها؟
أي من كان أباها. قال: ويجوز أن يريد أبويها فبناه على لغة من يقول أبان وأبون. الليث: يقال فلان يأبو هذا اليتيم إباوة أي يغذوه كما يغذو الوالد ولده. وبيني وبين فلان أبوة، والأبوة أيضا: الآباء مثل العمومة والخؤولة، وكان الأصمعي يروي قيل أبي ذؤيب:
لو كان مدحة حي أنشرت أحدا، أحيا أبوتك الشم الأماديح وغيره يرويه:
أحيا أباكن يا ليلى الأماديح قال ابن بري: ومثله قول لبيد:
وأنبش من تحت القبور أبوة كراما، هم شدوا علي التمائما قال وقال الكميت: