لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٤
فهو آب وأبي وأبيان، بالتحريك، قال أبو المجشر، جاهلي:
وقبلك ما هاب الرجال ظلامتي، وفقأت عين الأشوس الأبيان أبى الشئ يأباه إباء وإباءة: كرهه. قال يعقوب: أبى يأبى نادر، وقال سيبويه: شبهوا الألف بالهمزة في قرأ يقرأ. وقال مرة: أبى يأبى ضارعوا به حسب يحسب، فتحوا كما كسروا، قال:
وقالوا يئبى، وهو شاذ من وجهين: أحدهما أنه فعل يفعل، وما كان على فعل لم يكسر أوله في المضارع، فكسروا هذا لأن مضارعه مشاكل لمضارع فعل، فكما كسر أول مضارع فعل في جميع اللغات إلا في لغة أهل الحجاز كذلك كسروا يفعل هنا، والوجه الثاني من الشذوذ أنهم تجوزوا الكسر في الياء من يئبى، ولا يكسر البتة إلا في نحو ييجل، واستجازوا هذا الشذوذ في ياء يئبى لأن الشذوذ قد كثر في هذه الكلمة.
قال ابن جني: وقد قالوا أبى يأبى، أنشد أبو زيد:
يا إبلي ما ذامه فتأبيه، ماء رواء ونصي حوليه جاء به على وجه القياس كأتى يأتي. قال ابن بري: وقد كسر أول المضارع فقيل تيبى، وأنشد:
ماء رواء ونصي حوليه، هذا بأفواهك حتى تيبيه قال الفراء: لم يجئ عن العرب حرف على فعل يفعل، مفتوح العين في الماضي والغابر، إلا وثانيه أو ثالثه أحد حروف الحلق غير أبى يأبى، فإنه جاء نادرا، قال: وزاد أبو عمرو ركن يركن، وخالفه الفراء فقال: إنما يقال ركن يركن وركن يركن. وقال أحمد بن يحيى:
لم يسمع من العرب فعل يفعل مما لبس عينه ولامه من حروف الحلق إلا أبى يأبى، وقلاه يقلاه، وغشى يغشى، وشجا يشجى، وزاد المبرد: جبى يجبى، قال أبو منصور: وهذه الأحرف أكثر العرب فيها، إذا تنغم، على قلا يقلي، وغشي يغشى، وشجاه يشجوه، وشجي يشجى، وجبا يجبي. ورجل أبي: ذو إباء شديد إذا كان ممتنعا. ورجل أبيان: ذو إباء شديد. ويقال: تأبى عليه تأبيا إذا امتنع عليه. ورجل أباء إذا أبى أن يضام. ويقال: أخذه أباء إذا كان يأبى الطعام فلا يشتهيه. وفي الحديث كلكم في الجنة إلا من أبى وشرد أي إلا من ترك طاعة الله التي يستوجب بها الجنة، لأن من ترك التسبب إلى شئ لا يوجد بغيره فقد أباه. والإباء: أشد الامتناع. وفي حديث أبي هريرة: ينزل المهدي فيبقى في الأرض أربعين، فقيل:
أربعين سنة؟ فقال: أبيت، فقيل: شهرا؟ فقال: أبيت، فقيل: يوما؟
فقال: أبيت أي أبيت أن تعرفه فإنه غيب لم يرد الخبر ببيانه، وإن روي أبيت بالرفع فمعناه أبيت أن أقول في الخبر ما لم أسمعه، وقد جاء عنه مثله في حديث العدوي والطيرة، وأبى فلان الماء وآبيته الماء. قال ابن سيده: قال الفارسي أبى زيد من شرب الماء وآبيته إباءة، قال ساعدة بن جؤية:
قد أوبيت كل ماء فهي صادية، مهما تصب أفقا من بارق تشم والآبية: التي تعاف الماء، وهي أيضا التي لا تريد العشاء. وفي المثل: العاشية تهيج الآبية أي إذا رأت الآبية الإبل العواشي تبعتها فرعت معها.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست