لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٦٠
واللام أدخلت بينه وبين حرف النداء أيها، فتقول يا أيها الرجل ويا أيتها المرأة، فأي اسم مبهم مفرد معرفة بالنداء مبني على الضم، وها حرف تنبيه، وهي عوض مما كانت أي تضاف إليه، وترفع الرجل لأنه صفة أي. قال ابن بري عند قول الجوهري وإذا ناديت اسما فيه ا لألف واللام أدخلت بينه وبين حرف النداء أيها، قال: أي وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام في قولك يا أيها الرجل، كما كانت إيا وصلة المضمر في إياه وإياك في قول من جعل إيا اسما ظاهرا مضافا، على نحو ما سمع من قول بعض العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، قال: وعليه قول أبي عيينة:
فدعني وإيا خالد، لأقطعن عرى نياطه وقال أيضا:
فدعني وإيا خالد بعد ساعة، سيحمله شعري على الأشقر الأغر وفي حديث كعب بن مالك: فتخلفنا أيتها الثلاثة، يريد تخلفهم عن غزوة تبوك وتأخر توبتهم. قال: وهذه اللفظة تقال في الاختصاص وتختص بالمخبر عن نفسه والمخاطب، تقول أما أنا فأفعل كذا أيها الرجل، يعني نفسه، فمعنى قول كعب أيتها الثلاثة أي المخصوصين بالتخلف.
وقد يحكى بأي النكرات ما يعقل وما لا يعقل، ويستفهم بها، وإذا استفهمت بها عن نكرة أعربتها بإعراب الاسم الذي هو استثبات عنه، فإذا قيل لك: مر بي رجل، قلت أي ى ا فتى؟ تعربها في الوصل وتشير إلى الإعراب في الوقف، فإن قال: رأيت رجلا، قلت: أيا يا فتى؟ تعرب وتنون إذا وصلت وتقف على الألف فتقول أيا، وإذا قال: مررت برجل، قلت: أي يا فتى؟ تعرب وتنون، تحكي كلامه في الرفع والنصب والجر في حال الوصل والوقف، قال ابن بري: صوابه في الوصل فقط، فأما في الوقف فإنه يوقف عليه في الرفع والجر بالسكون لا غير، وإنما يتبعه في الوصل والوقف إذا ثناه وجمعه، وتقول في التثنية والجمع والتأنيث كما قيل في من، إذا قال: جاءني رجال، قلت: أيون، ساكنة النون، وأيين في النصب والجر، وأيه للمؤنث، قال ابن بري: صوابه أيون بفتح النون، وأيين بفتح النون أيضا، ولا يجوز سكون النون إلا في الوقف خاصة، وإنما يجوز ذلك في من خاصة، تقول منون ومنين، بالإسكان لا غير. قال: فإن وصلت قلت أية يا هذا وأيات يا هذا، نونت، فإن كان الاستثبات عن معرفة رفعت أيا لا غير على كل حال، ولا يحكى في المعرفة ليس في أي مع المعرفة إلا الرفع، وقد يدخل على أي الكاف فتنقل إلى تكثير العدد بمعنى كم في الخبر ويكتب تنوينه نونا، وفيه لغتان:
كائن مثل كاعن، وكأين مثل كعين، تقول: كأين رجلا لقيت، تنصب ما بعد كأين على التمييز، وتقول أيضا: كأين من رجل لقيت، وإدخال من بعد كأين أكثر من النصب بها وأجود، وبكأين تبيع هذا الثوب؟ أي بكم تبيع، قال ذو الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاة ورامح، بلاد الورى ليست له ببلاد قال ابن بري: أورد الجوهري هذا شاهدا على كائن بمعنى كم، وحكي عن ابن جني قال لا تستعمل الورى إلا في النفي، قال: وإنما حسن لذي الرمة استعماله في الواجب حيث كان منفيا في المعنى لأن ضميره منفي، فكأنه قال: ليست له بلاد الورى ببلاد.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست