لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٥٨
ساكنة ما يكون بعدها فقال: يكون الذي بعدها بدلا، ويكون مستأنفا ويكون منصوبا، قال: وسألت أحمد بن يحيى فقال: يكون ما بعدها مترجما، ويكون نصبا بفعل مضمر، تقول: جاءني أخوك أي زيد ورأيت أخاك أي زيدا ومررت بأخيك أي زيد.
ويقال: جاءني أخوك فيجوز فيه أي زيد وأي زيدا، ومررت بأخيك فيجوز فيه أي زيد أي زيدا أي زيد. ويقال: رأيت أخاك أي زيدا، ويجوز أي زيد.
وقال الليث: إي يمين، قال الله عز وجل: قل إي وربي إنه لحق، والمعنى إي والله، قال الزجاج: قل إي وربي إنه لحق، المعنى نعم وربي، قال:
وهذا هو القول الصحيح، وقد تكرر في الحديث إي والله وهي بمعنى نعم، إلا أنها تختص بالمجئ مع القسم إيجابا لما سبقه من الاستعلام.
قال سيبويه: وقالوا كأين رجلا قد رأيت، زعم ذلك يونس، وكأين قد أتاني رجلا، إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون مع من، قال:
وكأين من قرية، قال: ومعنى كأين رب، وقال: وإن حذفت من فهو عربي، وقال الخليل: إن جرها أحد من العرب فعسى أن يجرها بإضمار من، كما جاز ذلك في كم، قال: وقال الخليل كأين عملت فيما بعدها كعمل أفضلهم في رجل فصار أي بمنزلة التنوين، كما كان هم من قولهم أفضلهم بمنزلة التنوين، قال: وإنما تجئ الكاف للتشبيه فتصير هي وما بعدها بمنزلة شئ واحد، وكائن بزنة كاعن مغير من قولهم كأين. قال ابن جني: إن سأل سائل فقال ما تقول في كائن هذه وكيف حالها وهل هي مركبة أو بسيطة؟
فالجواب إنها مركبة، قال: والذي علقته عن أبي علي أن أصلها كأين كقوله تعالى: وكأين من قرية، ثم إن العرب تصرفت في هذه الكلمة لكثرة استعمالها إياها، فقدمت الياء المشددة وأخرت الهمزة كما فعلت ذلك في عدة مواضع نحو قسي وأشياء في قول الخليل، وشاك ولاث ونحوهما في قول الجماعة، وجاء وبابه في قول الخليل أيضا وغير ذلك، فصار التقدير فيما بعد كيئ، ثم إنهم حذفوا الياء التانية تخفيفا كما حذفوها في نحو ميت وهين ولين فقالوا ميت وهين ولين، فصار التقدير كيئ، ثم إنهم قلبوا الياء ألفا لانفتاح ما قبلها كما قلبوا في طائي وحاري وآية في قول الخليل أيضا، فصارت كائن. وفي كأين لغات: يقال كأين وكائن وكأي، بوزن رمي، وكإ بوزن عم، حكى ذلك أحمد بن يحيى، فمن قال كأين فهي أي دخلت عليها الكاف، ومن قال كائن فقد بينا أمره، ومن قال كأي بوزن رمي فأشبه ما فيه أنه لما أصاره التغيير على ما ذكرنا إلى كئ قدم الهمزة وأخر الياء ولم يقلب الياء ألفا، وحسن ذلك ضعف هذه الكلمة وما اعتورها من الحذف والتغيير، ومن قال كإ بوزن عم فإنه حذف الياء من كئ تخفيفا أيضا، فإن قلت: إن هذا إجحاب بالكلمة لأنه حذف بعد حذف فليس ذلك بأكثر من مصيرهم بأيمن الله إلى من الله وم الله، فإذا كثر استعمال الحذف حسن فيه ما لا يحسن في غيره من التغيير والحذف. وقوله عز وجل: وكأين من قرية، فالكاف زائدة كزيادتها في كذا وكذا، وإذا كانت زائدة فليست متعلقة بفعل ولا بمعنى فعل. وتكون أي جزاء، وتكون بمعنى الذي، والأنثى من كل ذلك أية، وربما قيل أيهن منطلقة، يريد أيتهن، وأي: استفهام فيه معنى التعجب فيكون حينئذ صفة للنكرة وحالا للمعرفة نحو ما أنشده
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست