لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٥٧
الفعل الذي قبلها، وإنما يرفعها أو ينصبها ما بعدها. قال الله عز وجل: لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا، قال المبرد: فأي رفع، وأحصى رفع بخبر الابتداء. وقال ثعلب: أي رافعه أحصى، وقالا: عمل الفعل في المعنى لا في اللفظ كأنه قال لنعلم أيا من أي، ولنعلم أحد هذين، قالا: وأما المنصوبة بما بعدها فقوله:
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، نصب أيا بينقلبون. وقال الفراء: أي إذا أوقعت الفعل المتقدم عليها خرجت من معنى الاستفهام، وذلك إن أردته جائز، يقولون لأضربن أيهم يقول ذلك، لأن الضرب على اسم يأتي بعد ذلك استفهام، وذلك أن الضرب لا يقع اننين (قوله لأن الضرب إلخ كذا بالأصل). قال: وقول الله عز وجل: ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا، من نصب أيا أوقع عليها النزع وليس باستفهام كأنه قال لنستخرجن العاتي الذي هو أشد، ثم فسر الفراء وجه الرفع وعليه القراء على ما قدمناه من قول ثعلب والمبرد.
وقال الفراء: وأي إذا كانت جزاء فهي على مذهب الذي قال وإذا كان أي تعجبا لم يجاز بها لأن التعجب لا يجازى به، وهو كقولك أي رجل زيد وأي جارية زينب، قال: والعرب تقول أي وأيان وأيون، إذا أفردوا أيا ثنوها وجمعوها وأنثوها فقالوا أية وأيتان وأيات، وإذا أضافوها إلى ظاهر أفردوها وذكروها فقالوا أي الرجلين وأي المرأتين وأي الرجل وأي النساء، وإذا أضافوا إلى المكني المؤنث ذكروا وأنثوا فقالوا أيهما وأيتهما للمرأتين، وفي التنزيل العزيز:
أيا ما تدعوا، وقال زهير في لغة من أنث:
وزودوك اشتياقا أية سلكوا أراد: أية وجهة سلكوا، فأنثها حين لم يضفها، قال: ولو قلت أيا سلكوا بمعنى أي وجه سلكوا كان جائزا. ويقول لك قائل: رأيت ظبيا، فتجيبه: أيا، ويقول: رأيت ظبيين، فتقول: أيين، ويقول:
رأيت ظباء، فتقول: أيات، ويقول: رأيت ظبية، فتقول: أية. قال:
وإذا سألت الرجل عن قبيلته قلت الميي، وإذا سألته عن كورته قلت الأيي، وتقول ميي أنت وأيي أنت، بياءين شديدتين. وحكى الفراء عن العرب في لغية لهم: أيهم ما أدرك يركب على أيهم يريد. وقال الليث: أيان هي بمنزلة متى، قال: ويختلف في نونها فيقال أصلية، ويقال زائدة. وقال الفراء: أصل أيان أي أوان، فخففوا الياء من أي وتركوا همزة أوان، فالتقت ياء ساكنة بعدها واو، فأدغمت الواو في الياء، حكاه عن الكسائي، قال: وأما قولهم في النداء أيها الرجل وأيتها المرأة وأيها الناس فإن الزجاج قال: أي اسم مبهم مبني على الضم من أيها الرجل لأنه منادى مفرد، والرجل صفة لأي لازمة، تقول يا أيها الرجل أقبل، ولا يجوز يا الرجل، لأن يا تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل فلا يجمع بين يا وبين الألف واللام فتصل إلى الألف واللام بأي، وها لازمة لأي للتنبيه، وهي عوض من الإضافة في أي، لأن أصل أي أن تكون مضافة إلى الاستفهام والخبر، والمنادى في الحقيقة الرجل، وأي وصلة إليه، وقال الكوفيون: إذا قلت يا أيها الرجل، فيا نداء، وأي اسم منادى، وها تنبيه، والرجل صفة، قالوا ووصلت أي بالتنبيه فصارا اسما تاما لأن أيا وما ومن الذي أسماء ناقصة لا تتم إلا بالصلات، ويقال الرجل تفسير لمن نودي.
وقال أبو عمرو: سألت المبرد عن أي مفتوحة
(٥٧)
مفاتيح البحث: العزّة (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست