استراق السمع:
ولكنهم يرقون فيه أي يتزيدون فيه. يقال: رقى فلان على الباطل إذا تقول ما لم يكن وزاد فيه، وهو من الرقي الصعود والارتفاع، ورقى شدد للتعدية إلى المفعول، وحقيقة المعنى أنهم يرتفعون إلى الباطل ويدعون فوق ما يسمعون. وفي الحديث: كنت رقاء على الجبال أي صعادا عليها، وفعال للمبالغة.
والمرقاة والمرقاة: الدرجة، واحدة من مراقي الدرج، ونظيره مسقاة ومسقاة، ومثناة ومثناة للحبل، ومبناة ومبناة للعيبة أو النطع، بالفتح والكسر، قال الجوهري: من كسرها شبهها بالآلة التي يعمل بها، ومن فتح قال هذا موضع يفعل فيه، فجعله بفتح الميم مخالفا، عن يعقوب. وترقى في العلم أي رقي فيه درجة درجة.
ورقى عليه كلاما ترقية أي رفع.
والرقية: العوذة، معروفة، قال رؤبة:
فما تركا من عوذة يعرفانها، ولا رقية إلا بها رقياني والجمع رقى. وتقول: استرقيته فرقاني رقية، فهو راق، وقد رقاه رقيا ورقيا. ورجل رقاء: صاحب رقى. يقال: رقى الراقي رقية ورقيا إذا عوذ ونفث في عوذته، والمرقي يسترقي، وهم الراقون، قال النابغة:
تناذرها الراقون من سوء سمها وقول الراجز:
لقد علمت، والأجل الباقي، أن لن يرد القدر الرواقي قال ابن سيده: كأنه جمع امرأة راقية أو رجلا راقية، بالهاء للمبالغة. وفي الحديث: ما كنا نأبنه برقية. قال ابن الأثير:
الرقية العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات، وقد جاء في بعض الأحاديث جوازها وفي بعضها النهي عنها، فمن الجواز قوله: استرقوا لها فإن بها النظرة أي اطلبوا لها من يرقيها، ومن النهي عنها قوله: لا يسترقون ولا يكتوون، والأحاديث في القسمين كثيرة، قال: ووجه الجمع بينها أن الرقى يكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة، وأن يعتقد أن الرقيا نافعة لا محالة فيتكل عليها، وإياها أراد بقوله: ما توكل من استرقى، ولا يكره منها ما كان في خلاف ذلك كالتعوذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرقى المروية، ولذلك قال للذي رقى بالقرآن وأخذ عليه أجرا:
من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق، وكقوله في حديث جابر:
أنه، عليه السلام، قال اعرضوها علي فعرضناها فقال لا بأس بها إنما هي مواثيق، كأنه خاف أن يقع فيها شئ مما كانوا يتلفظون به ويعتقدونه من الشرك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه، فلا يجوز استعماله، وأما قوله: لا رقى ة إلا من عين أو حمة، فمعناه لا رقية أولى وأنفع، وهذا كما قيل لا فتى إلا علي، وقد أمر، عليه الصلاة والسلام، غير واحد من أصحابه بالرقية وسمع بجماعة يرقون فلم ينكر عليهم، قال:
وأما الحديث الآخر في صفة أهل الجنة: الذي يدخلونها بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون، فهذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شئ من علائقها، وتلك درجة الخواص لا يبلغها غيرهم، جعلنا الله تعالى