وقال الأخفش: هو فاعلنا من المراعاة على معنى أرعنا سمعك ولكن الياء ذهبت للأمر، وقرئ راعنا، بالتنوين على إعمال القول فيه كأنه قال لا تقولوا حمقا ولا تقولوا هجرا، وهو من الرعونة، وقد تقدم. وقال أبو إسحق:
قيل فيه ثلاثة أقوال، قال بعضهم: معناه أرعنا سمعك، وقيل: أرعنا سمعك حتى نفهمك وتفهم عنا، قال: وهي قراءة أهل المدينة، ويصدقها قراءة أبي بن كعب: لا تقولوا راعونا، والعرب تقول أرعنا سمعك وراعنا سمعك، وقد مر معنى ما أراد القوم يقول راعنا في ترجمة رعن، وقيل: كان المسلمون يقولون للنبي، صلى الله عليه وسلم: راعنا، وكانت اليهود تساب بهذه الكلمة بينها، وكانوا يسبون النبي، عليه السلام، في نفوسهم فلما سمعوا هذه الكلمة اغتنموا أن يظهروا سبه بلفظ يسمع ولا يلحقهم في ظاهره شئ، فأظهر الله النبي، صلى الله عليه وسلم، والمسلمين على ذلك ونهى عن الكلمة، وقال قوم: راعنا من المراعاة والمكافأة، وأمروا أن يخاطبوا النبي، صلى الله عليه وسلم، بالتعزير والتوقير، أي لا تقولوا راعنا أي كافئنا في المقال كما يقول بعضهم لبعض. وفي مصحف ابن مسعود، رضي الله عنه: راعونا.
ورعى عهده وحقه: حفظه، والاسم من كل ذلك الرعيا والرعوى.
قال ابن سيده: وأرى ثعلبا حكى الرعوى، بضم الراء وبالواو، وهو مما قلبت ياؤه واوا للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول الياء عليها وللفرق أيضا بين الاسم والصفة، وكذلك ما كان مثله كالبقوى والفتوى والتقوى والشروى والثنوى، والبقوى والبقيا اسمان يوضعان موضع الإبقاء. والرعوى والرعيا: من رعاية الحفاظ.
ويقال: ارعوى فلان عن الجهل يرعوي ارعواء حسنا ورعوى حسنة، وهو نزوعه وحسن رجوعه. قال ابن سيده: الرعوى والرعيا النزوع عن الجهل وحسن الرجوع عنه. وارعوى يرعوي أي كف عن الأمور. وفي الحديث: شر الناس رجل يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شئ منه أي لا ينكف ولا ينزجر، من رعا يرعو إذا كف عن الأمور.
ويقال: فلان حسن الرعوة والرعوة والرعوة والرعوى والارعواء، وقد ارعوى عن القبيح، وتقديره افعول ووزنه افعلل، وإنما لم يدغم لسكون الياء، والاسم الرعيا، بالضم، والرعوى بالفتح مثل البقيا والبقوى. وفي حديث ابن عباس: إذا كانت عندك شهادة فسئلت عنها فأخبر بها ولا تقل حتى آتي الأمير لعله يرجع أو يرعوي. قال أبو عبيد: الارعواء الندم على الشئ والانصراف عنه والترك له، وأنشد:
إذا قلت عن طول التنائي: قد ارعوى، أبى حبها إلا بقاء على هجر قال الأزهري: ارعوى جاء نادرا، قال: ولا أعلم في المعتلات مثله كأنهم بنوه على الرعوى وهو الإبقاء. وفي الحديث: إلا إرعاء عليه أي إبقاء ورفقا. يقال: أرعيت عليه، من المراعاة والملاحظة.
قال الأزهري: وللرعوى ثلاثة معان: أحدها الرعوى اسم من الإبقاء، والرعوى رعاية الحفاظ للعهد، والرعوى حسن المراجعة والنزوع عن الجهل. وقال شمر: تكون المراعاة من الرعي مع آخر، يقال: هذه إبل تراعي الوحش أي ترعى معها. ويقال: الحمار يراعي الحمر أي يرعى معها، قال أبو ذؤيب: