ابن جني: أما أف ونحوه من أسماء الفعل كهيهات في الجر فمحمول على أفعال الأمر، وكان الموضع في ذلك إنما هو لصه ومه ورويد ونحو ذلك، ثم حمل عليه باب أف ونحوها من حيث كان اسما سمي به الفعل، وكان كل واحد من لفظ الأمر والخبر قد يقع موقع صاحبه صار كل واحد منهما هو صاحبه، فكأن لا خلاف هنالك في لفظ ولا معنى.
وأففه وأفف به: قال له أف. وتأفف الرجل: قال أفة وليس بفعل موضوع على أف عند سيبويه، ولكنه من باب سبح وهلل إذا قال سبحان الله ولا إله إلا الله (* هنا بياض بالأصل.)... إذا مثل نصب أفة وتفة لم يمثله بفعل من لفظه كما يفعل ذلك بسقيا ورعيا ونحوهما، ولكنه مثله بقوله (* هنا بياض بالأصل.)... إذ لم نجد له فعلا من لفظه. الجوهري: يقال أفا له وأفة له أي قذرا له، والتنوين للتنكير، وأفة وتفة، وقد أفف تأفيفا إذا قال أف.
ويقال: أفا وتفا وهو اتباع له. وحكى ابن بري عن ابن القطاع زيادة على ذلك: أفة وإفة. التهذيب: قال الفراء ولا تقل في أفة إلا الرفع والنصب، وقال في قوله ولا تقل لهما أف: قرئ أف، بالكسر بغير تنوين وأف بالتنوين، فمن خفض ونون ذهب إلى أنها صوت لا يعرف معناه إلا بالنطق به فخفضوه كما تخفض الأصوات ونونوه كما قالت العرب سمعت طاق طاق لصوت الضرب، ويقولون سمعت تغ تغ لصوت الضحك، والذين لم ينونوا وخفضوا قالوا أف على ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات على حرفين مثل صه وتغ ومه، فذلك الذي يخفض وينون لأنه متحرك الأول، قال: ولسنا مضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهها فخفض بالنون، وشبهت أف بقولهم مد ورد إذا كانت على ثلاثة أحرف، قال: والعرب تقول جعل فلان يتأفف من ريح وجدها، معناه يقول أف أف. وحكي عن العرب: لا تقولن له أفا ولا تفا. وقال ابن الأنباري: من قال أفا لك نصبه على مذهب الدعاء كما يقال ويلا للكافرين، ومن قال أف لك رفعه باللام كما يقال ويل للكافرين، ومن قال أف لك خفضه على التشبيه بالأصوات كما يقال صه ومه، ومن قال أفي لك أضافه إلى نفسه، ومن قال أف لك شبهه بالأدوات بمن وكم وبل وهل. وقال أبو طالب: أيف لك وتف وأفة وتفة، وقيل أف معناه قلة، وتف اتباع مأخوذ من الأفف وهو الشئ القليل. وقال القتيبي في قوله عز وجل: ولا تقل لهما أف أي لا تستثقل شيئا من أمرهما وتضق صدرا به ولا تغلظ لهما، قال: والناس يقولون لما يكرهون ويستثقلون أف له، وأصل هذا نفخك للشئ يسقط عليك من تراب أو رماد وللمكان تريد إماطة أذى عنه، فقيلت لكل مستثقل. وقال الزجاج: معنى أف النتن، ومعنى الآية لا تقل لهما ما فيه أدنى تبرم إذا كبرا أو أسنا، بل تول خدمتهما. وفي الحديث: فألقى طرف ثوبه على أنفه وقال أف أف، قال ابن الأثير: معناه الاستقذار لما شم، وقيسل: معناه الاحتقار والاستقلال، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر متكره، وقيل: أصل الأفف من وسخ الأذن والإصبع إذا فتل. وأففت بفلان تأفيفا إذا قلت له أف لك، وتأفف به كأففه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أنها لما قتل أخوها محمد بن أبي بكر، رضي الله عنهم، أرسلت عبد الرحمن أخاها فجاء بابنه القاسم وبنته من مصر، فلما