لسان العرب - ابن منظور - ج ٩ - الصفحة ٢٤٠
كعب بن عجرة: جاؤوا كأنهم عرف أي يتبع بعضهم بعضا، وقرئت عرفا وعرفا والمعنى واحد، وقيل:
المرسلات هي الرسل. وقد تكرر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عرف ما طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه. والمعروف: النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس، والمنكر: ضد ذلك جميعه.
وفي الحديث: أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة أي من بذل معروفه للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة، وقيل: أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود فيشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة. وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في معناه قال: يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم وتبقى حسناتهم جامة، فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة، وقوله أنشده ثعلب:
وما خير معروف الفتى في شبابه، إذا لم يزده الشيب، حين يشيب قال ابن سيده: قد يكون من المعروف الذي هو ضد المنكر ومن المعروف الذي هو الجود. ويقال للرجل إذا ولى عنك بوده: قد هاجت معارف فلان، ومعارفه: ما كنت تعرفه من ضنه بك، ومعنى هاجت أي يبست كما يهيج النبات إذا يبس. والعرف: الريح، طيبة كانت أو خبيثة. يقال: ما أطيب عرفه وفي المثل: لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء، قال ابن سيده: العرف الرائحة الطيبة والمنتنة، قال:
ثناء كعرف الطيب يهدى لأهله، وليس له إلا بني خالد أهل وقال البريق الهذلي في النتن:
فلعمر عرفك ذي الصماح، كما عصب السفار بغضبة اللهم وعرفه: طيبه وزينه. والتعريف: التطييب من العرف.
وقوله تعالى: ويدخلهم الجنة عرفها لهم، أي طيبها، قال الشاعر يمدح رجلا:
عرفت كإتب عرفته اللطائم يقول: كما عرف الإتب وهو البقير. قال الفراء: يعرفون منازلهم إذا دخلوها حتى يكون أحدهم أعرف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أهله، قال الأزهري: هذا قول جماعة من المفسرين، وقد قال بعض اللغويين عرفها لهم أي طيبها. يقال: طعام معرف أي مطيب، قال الأصمعي في قول الأسود ابن يعفر يهجو عقال بن محمد بن سفين:
فتدخل أيد في حناجر أقنعت لعادتها من الخزير المعرف قال: أقنعت أي مدت ورفعت للفم، قال وقال بعضهم في قوله:
عرفها لهم، قال: هو وضعك الطعام بعضه على بعض. ابن الأعرابي: عرف الرجل إذا أكثر من الطيب، وعرف إذا ترك الطيب. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا لم يجد عرف الجنة أي ريحها الطيبة. وفي حديث علي، رضي الله
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست